للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَعَ الدَّمِ مَخُوفٌ. فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: سَهَا الْمُزَنِيُّ، وَهُوَ مَخُوفٌ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ، قَالَهُ الْمَسْعُودِيُّ. وَتَأَوَّلَ الْأَكْثَرُونَ فَحَمَلُوا نَقْلَ الْمُزَنِيِّ عَلَى دَمٍ يَحْدُثُ مِنَ الْمَخْرَجِ مِنَ الْبَوَاسِيرِ وَنَحْوِهِ. وَنَصَّ فِي «الْأُمِّ» عَلَى دَمِ الْكَبِدِ وَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ الشَّرِيفَةِ، فَهَذَا مَخُوفٌ، وَذَاكَ غَيْرُ مَخُوفٍ.

وَمِنْهَا: السُّلُّ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الرِّئَةَ، وَيَأْخُذُ الْبَدَنُ مِنْهُ فِي النُّقْصَانِ وَالِاصْفِرَارِ. وَقَدْ أَطْلَقَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَخُوفٍ، فَأَخَذَ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ آخِذُونَ، حَتَّى قَالَ الْحَنَّاطِيُّ: إِنَّهُ لَيْسَ بِمَخُوفٍ لَا فِي أَوَّلِهِ وَلَا فِي آخِرِهِ، وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ السُّلَّ وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ صَاحِبُهُ غَالِبًا، فَإِنَّهُ لَا يُخْشَى مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا، فَيَكُونُ كَالشَّيْخُوخَةِ وَالْهَرَمِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ (الْمُهَذَّبِ) وَالْغَزَالِيُّ: أَنَّهُ مَخُوفٌ فِي انْتِهَائِهِ دُونَ ابْتِدَائِهِ، وَعَكَسَهُ الْبَغَوِيُّ، وَالْأَشْبَهُ بِأَصْلِ الْمَذْهَبِ مَا قَالَهُ الْحَنَّاطِيُّ وَمُوَافِقُوهُ. وَمِنْهَا: الْفَالِجُ، وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ وَالْبَلْغَمِ، وَابْتِدَاؤُهُ مَخُوفٌ. فَإِذَا اسْتَمَرَّ، فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ ارْتِعَاشٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا. وَفِي وَجْهٍ: إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ارْتِعَاشٌ، فَمَخُوفٌ.

وَمِنْهَا: الْحُمَّى الشَّدِيدَةُ، وَهِيَ ضَرْبَانِ: مُطْبِقَةٌ، وَغَيْرُهَا.

فَالْمُطْبِقَةُ: هِيَ اللَّازِمَةُ الَّتِي لَا تَبْرَحُ فَإِنْ كَانَتْ حُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، لَمْ تَكُنْ مَخُوفَةً. وَإِنْ زَادَتْ فَمَخُوفَةٌ. وَفِي وَجْهٍ: الْحُمَّى مِنْ أَوَّلِ حُدُوثِهَا مَخُوفَةٌ. وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ. وَعَلَى هَذَا، لَوِ اتَّصَلَ الْمَوْتُ بِحُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، نُظِرَ فِي عَطِيَّتِهِ، إِنْ كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَعْرَقَ، فَهِيَ مِنَ الثُّلُثِ، وَقَدْ بَانَتْ مَخُوفَةً، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْعَرَقِ، فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ ; لِأَنَّ أَثَرَهَا زَالَ بِالْعَرَقِ، وَالْمَوْتُ بِسَبَبٍ آخَرَ، ذَكَرَهُ صَاحِبَا «التَّهْذِيبِ» وَ «التَّتِمَّةِ» .

الضَّرْبُ الثَّانِي: غَيْرُ الْمُطْبِقَةِ. وَهُوَ أَنْوَاعٌ. الْوِرْدُ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، وَالْغِبُّ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا، وَالثُّلُثُ. وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>