وَالْعَدَالَةُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْعَدَدُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهًا فِي جَوَازِ الْعُدُولِ مِنَ الْوُضُوءِ إِلَى التَّيَمُّمِ بِقَوْلِ الْمُرَاهِقِ وَالْفَاسِقِ، وَوَجْهًا: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ، وَعَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ وَجْهٌ لَمْ نَذْكُرْهُ هُنَاكَ: أَنَّهُ يَجُوزُ الْعُدُولُ بِقَوْلِ طَبِيبٍ كَافِرٍ، كَمَا يَجُوزُ شُرْبُ الدَّوَاءِ مِنْ يَدِهِ وَلَا يُدْرَى أَنَّهُ دَوَاءٌ أَمْ دَاءٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تُطْرَدَ هَذِهِ الْأَوْجُهُ هُنَا. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ هُنَا: الَّذِي أَرَاهُ أَنْ لَا يُلْحَقَ بِالشَّهَادَاتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ يُلْحَقُ بِالتَّقْوِيمِ وَتَعْدِيلِ الْأَنْصِبَاءِ فِي الْقِسْمَةِ حَتَّى يَخْتَلِفَ الرَّأْيُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ.
قُلْتُ: الْمَذْهَبُ: الْجَزْمُ بِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذَكَرْنَا أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ مِنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ، فَاشْتُرِطَ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ كَغَيْرِهَا مِنَ الشَّهَادَاتِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ مَعَ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إِلَى بَدَلٍ، وَلَيْسَ كَالتَّقْوِيمِ الَّذِي هُوَ تَخْمِينٌ فِي مَحْسُوسٍ يُمْكِنُ تَدَارُكُ الْخَطَأِ، إِنْ وَقَعَ فِيهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
إِذَا اخْتَلَفَ الْوَارِثُ وَالْمُتَبَرِّعُ عَلَيْهِ فِي كَوْنِ الْمَرَضِ مَخُوفًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَبَرِّعِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخَوْفِ. وَعَلَى الْوَارِثِ الْبَيِّنَةُ، وَلَا تَثْبُتُ دَعْوَاهُ إِلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ ; لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى غَيْرِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْمَالُ. لَكِنْ لَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ بِامْرَأَةٍ عَلَى وَجْهٍ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ [غَالِبًا] ، قُبِلَتْ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ، وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ. وَيُعْتَبَرُ فِي الشَّاهِدَيْنِ الْعِلْمُ بِالطِّبِّ، قَالَهُ الْبَغَوِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute