للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَمْرُ الثَّالِثُ: إِذَا وَجَدْنَا الْمَرَضَ مَخُوفًا حَجَرْنَا عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَمْ نُنْفِذْهُ. لَكِنَّهُ لَوْ فَعَلَ، ثُمَّ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ تَبَيَّنَ صِحَّةُ تَبَرُّعِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا. وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا إِذَا الْتَحَمَ الْقِتَالُ، وَحَكَمْنَا بِأَنَّهُ مَخُوفٌ، ثُمَّ انْقَضَتِ الْحَرْبُ وَسَلِمَ.

وَأَمَّا إِذَا رَأَيْنَا الْمَرَضَ غَيْرَ مَخُوفٍ، فَاتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فَيُنْظَرُ إِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، كَوَجَعِ الضِّرْسِ وَنَحْوِهِ، فَالتَّبَرُّعُ نَافِذٌ، وَالْمَوْتُ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَجْأَةِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ، كَإِسْهَالِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، تَبَيَّنَّا بِاتِّصَالِ الْمَوْتِ بِهِ كَوْنَهُ مَخُوفًا، وَكَذَلِكَ حُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ، وَقَدْ سَبَقَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَعْرَقَ أَوْ لَا يَعْرَقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

فَرْعٌ

قَالَ الْإِمَامُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ كَوْنُ الْمَوْتِ مِنْهُ غَالِبًا، بَلْ يَكْفِي أَنْ لَا يَكُونَ نَادِرًا بِدَلِيلِ الْبِرْسَامِ. وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: هَذَا الْمَرَضُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ، لَكِنَّهُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي أَنْ يَتَوَلَّدَ مِنْهُ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ، فَالْأَوَّلُ مَخُوفٌ أَيْضًا. وَهَذَا يُشْكِلُ بِالْحَمْلِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا الطَّلْقُ. فَإِنْ قَالُوا: يُفْضِي إِلَى الْمَخُوفِ نَادِرًا، فَالْأَوَّلُ لَيْسَ بِمَخُوفٍ.

قُلْتُ: وَإِذَا كَانَ الْمَرَضُ مَخُوفًا فَتَبَرَّعَ، ثُمَّ قَتَلَهُ إِنْسَانٌ، أَوْ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ فَمَاتَ، أَوْ غَرِقَ حُسِبَ تَبَرُّعُهُ مِنَ الثُّلُثِ، كَمَا لَوْ مَاتَ بِذَلِكَ الْمَرَضِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>