الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي بَيَانِ التَّبَرُّعِ الْمَحْسُوبِ مِنَ الثُّلُثِ، وَهُوَ إِزَالَةُ الْمِلْكِ عَنْ مَالٍ مَجَّانًا، كَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ، وَالصَّدَقَةِ، وَغَيْرِهَا.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهِ مَا يَتَنَاوَلُ التَّبَرُّعَ بِالْكَلْبِ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ، وَبِالْمَنْفَعَةِ الَّتِي تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا، فَيُقَالُ: إِزَالَةُ الِاخْتِصَاصِ عَنْ مَالٍ وَنَحْوِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَفِيمَا يَدْخُلُ فِي الضَّابِطِ وَيَخْرُجُ، مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: مَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ مِنْ دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ، وَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ، تُخْرَجُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَتَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ. وَقِيلَ: إِذَا أَوْصَى بِهَا، حُسِبَتْ مِنَ الثُّلُثِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَهَذَا الَّذِي نُوجِبُهُ، مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِلَا خِلَافٍ إِذَا لَمْ يُوصِ هُوَ فِيمَا وَجَبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، كَالزَّكَاةِ، وَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ، وَالنُّذُورُ، فَفِيهَا خِلَافٌ سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّانِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
فَرْعٌ
لَوْ قَضَى فِي مَرَضِهِ دُيُونَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ إِنْ وَفَى الْمَالُ بِجَمِيعِ الدُّيُونِ، وَكَذَا إِذَا لَمْ يَفِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَعْرُوفِ.
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّالِثَةُ: الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ نَافِذٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ بَاعَ لِلْوَارِثِ، أَمْ لِغَرِيمِهِ، أَمْ لِغَيْرِهِمَا. وَإِنْ بَاعَ بِمُحَابَاةٍ، فَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهَا كَانَ كَالْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ لِوَارِثٍ، فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، وَإِلَّا فَمُعْتَبَرَةٌ مِنَ الثُّلُثِ. فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ، نَفَذَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute