فَرْعٌ لِابْنِ الْحَدَّادِ: أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدِينَارٍ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ، أَوْ كَسْبِ عَبْدِهِ، وَجَعَلَهُ بَعْدَهُ لِوَارِثِ الرَّجُلِ، أَوْ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَالْغَلَّةُ وَالْكَسْبُ عَشَرَةٌ مَثَلًا، فَاعْتِبَارُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مِنَ الثُّلُثِ كَاعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، لِبَقَاءِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ، فَيَكُونُ الْمَذْهَبُ فِيهِمَا: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنَ الثُّلُثِ قَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ.
ثُمَّ يُنْظَرُ، فَإِنْ خَرَجَتِ الْوَصِيَّةُ مِنَ الثُّلُثِ، قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا بَعْضَ الدَّارِ وَيَدَعُوا مَا يَحْصُلُ مِنْهُ دِينَارٌ ; لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَخْتَلِفُ، فَقَدْ تَنْقُصُ فَتَعُودُ إِلَى دِينَارٍ أَوْ أَقَلَّ، فَيَكُونُ الْجَمِيعُ لِلْمُوصَى لَهُ.
وَهَذَا إِذَا أَرَادُوا بَيْعَ بَعْضِهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي.
فَأَمَّا بَيْعُ مُجَرَّدِ الرَّقَبَةِ، فَعَلَى مَا سَبَقَ مِنَ الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْوَارِثِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ.
وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ، فَالزَّائِدُ عَلَى الثُّلُثِ رَقَبَةٌ وَغَلَّةٌ لِلْوَارِثِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ.
وَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِعُشْرِ الْغَلَّةِ كُلَّ سَنَةٍ، فَمَا سِوَى الْعُشْرِ لِلْوَارِثِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ.
فَرْعٌ: أَوْصَى لِشَخْصٍ بِدِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ، حَكَى الْإِمَامُ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ فِي السَّنَةِ الْأُولَى بِدِينَارٍ.
وَفِيمَا بَعْدَهَا قَوْلَانِ.
أَحَدُهُمَا: الصِّحَّةُ ; لِأَنَّ الْجَهَالَةَ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنَافِعِ صَحِيحَةٌ لَا إِلَى غَايَةٍ.
وَأَظْهَرُهُمَا: الْبُطَلَانُ ; لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ قَدْرَ الْمُوصَى بِهِ لِيَخْرُجَ مِنَ الثُّلُثِ.
فَإِنْ صَحَّحْنَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى، فَلِلْوَرَثَةِ التَّصَرُّفُ فِي ثُلُثَيِ التَّرِكَةِ قَطْعًا.
وَفِي ثُلُثِهَا وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ