بَعْدَ إِخْرَاجِ الدِّينَارِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ اسْتِحْقَاقَ الْمُوصَى لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يُوقَفُ ; لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ ثَبَتَ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ قَاطِعٌ.
فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ، وَبَقِيَ الْمُوصَى لَهُ إِلَى أَنِ اسْتَوْعَبَتْ دَنَانِيرُهُ الثُّلُثَ، فَذَاكَ.
وَإِنْ مَاتَ، فَعَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ: أَنَّ بَقِيَّةَ الثُّلُثِ تُسَلَّمُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي.
قَالَ الْإِمَامُ: وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ إِذَا صَحَّحْنَاهَا، كَالْوَصِيَّةِ بِالثِّمَارِ بِلَا نِهَايَةٍ، فَوَجَبَ انْتِقَالُ الْحَقِّ إِلَى وَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ.
وَإِنْ نَفَّذْنَا تَصَرُّفَهُمْ، فَكُلَّمَا انْقَضَتْ سَنَةٌ، طَالَبَ الْمُوصَى لَهُ الْوَرَثَةَ بِدِينَارٍ، وَكَانَ ذَلِكَ كَوَصِيَّةٍ تَظْهَرُ بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ.
وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا أُخَرُ.
قَالَ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» : يُوَزَّعُ الثُّلُثُ بَعْدَ الدِّينَارِ الْوَاحِدِ عَلَى أَصْحَابِ الْوَصَايَا، وَلَا يُتَوَقَّفُ.
فَإِذَا انْقَضَتْ سَنَةٌ أُخْرَى، اسْتَرَدَّ مِنْهُمْ بِدِينَارٍ مَا يَقْتَضِيهِ التَّقْسِيطُ.
قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا بَيِّنٌ إِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ مُقَيَّدَةً بِحَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ.
فَأَمَّا إِذَا لَمْ نُقَيِّدْ، وَأَقَمْنَا وَرَثَتَهُ مَقَامَهُ، فَهُوَ مُشْكِلٌ لَا يُهْتَدَى إِلَيْهِ.
فَرْعٌ: لَوِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا، فَأَعَادَهَا الْوَارِثُ بِآلَتِهَا، هَلْ يَعُودُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ؟ وَجْهَانِ.
وَلَوْ أَرَادَ الْمُوصَى لَهُ إِعَادَتَهَا بِآلَتِهَا، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا الْعَوْدُ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: الْوَصِيَّةُ بِالْحَجِّ.
الْحَجُّ ضَرْبَانِ، مُتَطَوَّعٌ بِهِ، وَمَفْرُوضٌ.
فَالتَّطَوُّعُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ النِّيَابَةِ فِيهِ.
ثُمَّ هُوَ مَحْسُوبٌ مِنَ الثُّلُثِ، وَيَحُجُّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ إِنْ قُيِّدَ بِهِ، وَمِنَ الْمِيقَاتِ إِنْ قُيِّدَ بِهِ.
فَإِنْ أَطْلَقَ، فَعَلَى أَيِّهِمَا يُحْمَلُ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: مِنَ الْمِيقَاتِ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ أَكْثَرِهِمْ.
وَهَلْ يُقَدَّمُ حَجُّ التَّطَوُّعِ