للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الثُّلُثِ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا؟ قَالَ الْقَفَّالُ: هُوَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَقْدِيمِ الْعِتْقِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْوَصَايَا.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَمْ أَرَ هَذَا لِأَحَدٍ مِنَ الْأَصْحَابِ، بَلْ جَعَلُوا الْوَصِيَّةَ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ.

وَإِذَا لَمْ يَفِ الثُّلُثُ، أَوْ حِصَّةُ الْحَجِّ مِنْهُ بِالْحَجِّ، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي بِمِائَةٍ مِنْ ثُلُثِي وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُحَجَّ بِهَا.

وَلَوْ قَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي بِثُلُثِي، صُرِفَ ثُلُثُهُ إِلَى مَا يُمْكِنُ مِنْ حَجَّتَيْنِ وَثَلَاثٍ فَصَاعِدًا.

فَإِنْ فَضَلَ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَجَّ بِهِ، فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ.

وَلَوْ قَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي بِثُلُثِي حَجَّةً، صُرِفَ ثُلُثُهُ إِلَى حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ.

فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَمَا دُونَهَا، جَازَ أَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ أَجْنَبِيًّا وَوَارِثًا.

وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ، لَمْ يُسْتَأْجَرْ إِلَّا أَجْنَبِيٌّ ; لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مُحَابَاةٌ [فَلَا تَجُوزُ لِلْوَارِثِ] .

الضَّرْبُ الثَّانِي: الْمَفْرُوضُ، وَهُوَ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا.

أَمَّا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، فَمَنْ مَاتَ وَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ، قُضِيَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا، كَالزَّكَاةِ، وَسَائِرِ الدُّيُونِ.

وَإِنْ أَوْصَى بِهَا نُظِرَ، إِنْ أَضَافَهَا إِلَى رَأْسِ الْمَالِ، فَهِيَ تَأْكِيدٌ.

وَإِنْ أَضَافَ إِلَى الثُّلُثِ، قُضِيَتْ مِنْهُ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ ثُلُثِهِ.

وَتَتَضَمَّنُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ تَرْفِيهَ الْوَرَثَةِ بِتَوْفِيرِ الثُّلُثَيْنِ.

وَفِي تَقْدِيمِ الْحَجِّ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا وَجْهَانِ - وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: قَوْلَانِ - يَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنَ الثُّلُثِ.

أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُوصَ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا يُقَدَّمُ، بَلْ يُزَاحِمُهَا بِالْمُضَارَبَةِ ; لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ.

ثُمَّ إِنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِالْحَجِّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، أَوِ الْحَاصِلِ مِنَ الْمُضَارَبَةِ عَلَى الثَّانِي، كُمِّلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، كَمَا لَوْ قَالَ: اقْضُوا دَيْنِي مِنْ ثُلُثِي فَلَمْ يُوَفِّ الثُّلُثُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ تَدُورُ الْمَسْأَلَةُ، وَسَنُوَضِّحُ مِثَالَهَا قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَإِنْ أَطْلَقَ، فَلَمْ يُضِفْ إِلَى الثُّلُثِ، وَلَا إِلَى رَأْسِ الْمَالِ، حُجَّ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، سَوَاءٌ قَرَنَ بِهِ مَا يُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ، [أَمْ لَا] ، وَقِيلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>