للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلِلْوَرِثِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ مِنَ التَّرِكَةِ، وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ إِذَا أُعْتِقَ.

وَإِنْ كَانَتْ مُخَيَّرَةً، فَلَهُ أَنْ يُطْعِمَ، وَيَكْسُوَ.

وَفِي الْإِعْتَاقِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، إِذْ لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ.

وَأَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ ; لِأَنَّهُ نَائِبُهُ شَرْعًا، فَإِعْتَاقُهُ كَإِعْتَاقِهِ.

وَلَوْ أَدَّى الْوَارِثُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَا تَرِكَةَ، فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ.

وَقِيلَ بِالْمَنْعِ، لِبُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنِ النِّيَابَةِ.

وَقِيلَ: يُمْنَعُ الْإِعْتَاقُ فَقَطْ، لِبُعْدِ إِثْبَاتِ الْوَلَاء لِلْمَيِّتِ، فَإِذَا جَوَّزْنَا، فَلَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِالطَّعَامِ، أَوِ الْكِسْوَةِ، أَجْزَأَ عَلَى الْأَصَحِّ، كَقَضَاءِ الدَّيْنِ.

وَاحْتَجَّ [لَهُ] الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَوِ اشْتَرَطَتِ الْوَرَثَةُ، لَا يُشْتَرَطُ صُدُورُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ، كَالْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ، وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، بَلْ يَسْتَبِدُّ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْوَرَثَةِ.

وَلَوْ تَبَرَّعَ الْأَجْنَبِيُّ بِالْعِتْقِ، فَقِيلَ: عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

وَقِيلَ بِالْمَنْعِ قَطْعًا.

وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ عِتْقٌ أَصْلًا، فَأَعْتَقَ عَنْهُ وَارِثٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَلَا يَصِحُّ عَنِ الْمَيِّتِ، بَلْ يَقَعُ الْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ.

وَلَوْ أَوْصَى بِالْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُخَيَّرَةِ، وَزَادَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ عَلَى قِيمَةِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ، فَوَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ; لِأَنَّهُ أَدَاءٌ وَاجِبٌ.

وَأَصَحُّهُمَا: الِاعْتِبَارُ مِنَ الثُّلُثِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَحَتِّمٍ، وَتَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ بِدُونِهِ، وَعَلَى هَذَا وَجْهَانِ.

وَقِيلَ: قَوْلَانِ.

أَحَدُهُمَا: تُعْتَبَرُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ لَمْ يَفِ بِهِ، عَدَلَ إِلَى الْإِطْعَامِ.

وَأَقْيَسُهُمَا: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنَ الثُّلُثِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ ; لِأَنَّ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ لَازِمٌ لَا مَحَالَةَ.

وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا أَوْصَى أَنْ يُكْسَى عَنْهُ - وَالْكِسْوَةُ أَكْثَرُ مِنَ الطَّعَامِ - وَسَنُعِيدُ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِزِيَادَةِ إِيضَاحٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَوْ أَعْتَقَ مِنْ عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ مُخَيَّرَةٌ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِنَ الثُّلُثِ ; لِأَنَّهُ مُؤَدٍّ فَرْضًا، وَهَذَا كَأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إِذَا أَوْصَى بِهِ، أُعْتِقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>