فَرْعٌ: وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، وَالصَّدَقَةُ عَنْهُ، فَيَنْفَعَانِهِ بِلَا خِلَافٍ.
وَسَوَاءٌ فِي الدُّعَاءِ وَالصَّدَقَةِ، الْوَارِثُ وَالْأَجْنَبِيُّ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفِي وُسْعِ اللَّه تَعَالَى أَنْ يُثِيبَ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا.
قَالَ الْأَصْحَابُ: فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ الْمُتَصَدِّقُ الصَّدَقَةَ عَنْ أَبَوَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنِيلُهُمَا الثَّوَابَ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا.
وَذَكَرَ صَاحِبُ «الْعُدَّةِ» : أَنَّهُ لَوْ أَنْبَطَ عَيْنًا، أَوْ حَفَرَ نَهْرًا، أَوْ غَرَسَ شَجَرَةً، أَوْ وَقَفَ مُصْحَفًا فِي حَيَاتِهِ، أَوْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، يَلْحَقُ الثَّوَابُ الْمَيِّتَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ إِذَا صَدَرَتْ مِنَ الْحَيِّ، فَهِيَ صَدَقَاتٌ جَارِيَةٌ، يَلْحَقُهُ ثَوَابُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا صَحَّ فِي الْحَدِيثِ، وَإِذَا فَعَلَ غَيْرُهُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقَدْ تَصَدَّقَ عَنْهُ.
وَالصَّدَقَةُ عَنِ الْمَيِّتِ تَنْفَعُهُ، وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِوَقْفِ الْمُصْحَفِ، بَلْ يَجْرِي فِي كُلِّ وَقْفٍ.
وَهَذَا الْقِيَاسُ يَقْتَضِي جَوَازَ التَّضْحِيَةِ عَنِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنَ الصَّدَقَةِ.
وَقَدْ أَطْلَقَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ جَوَازَ التَّضْحِيَةِ عَنِ الْغَيْرِ، وَرَوَى فِيهِ حَدِيثًا.
لَكِنْ فِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ عَنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَكَذَلِكَ [عَنِ] الْمَيِّتِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَوْصَى بِهِ.
فَرْعٌ: وَمَا عَدَا هَذِهِ الْقُرَبِ، يَنْقَسِمُ إِلَى صَوْمٍ وَغَيْرِهِ، فَأَمَّا الصَّوْمُ، فَلَا يُتَطَوَّعُ بِهِ عَنِ الْمَيِّتِ.
وَفِي قَضَاءِ وَاجِبِهِ عَنْهُ قَوْلَانِ سَبَقَا فِي الصِّيَامِ.
الْجَدِيدُ: الْمَنْعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute