للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا: الْوَصِيَّةُ بِالتَّكْمِلَةِ مَعَ الْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ مِمَّا تَبَقَّى مِنْ جُزْءِ الْمَالِ.

مِثَالُهُ: ثَلَاثَةُ بَنِينَ، وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِتَكْمِلَةِ ثُلُثِ مَالِهِ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمْ، وَلِعَمْرٍو بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ، تَأْخُذُ ثُلُثَ مَالٍ، وَتُلْقِي مِنْهُ نَصِيبًا، يَبْقَى ثُلُثُ مَالٍ إِلَّا نَصِيبًا تَدْفَعُهُ إِلَى زَيْدٍ فَإِنَّهُ التَّكْمِلَةُ، يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ نَصِيبٌ، تَدْفَعُ ثُلُثَهُ إِلَى عَمْرٍو، يَبْقَى ثُلُثَا نَصِيبٍ تَضُمُّهُمَا إِلَى ثُلُثَيِ الْمَالِ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ أَنْصِبَاءَ الْوَرَثَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ، تُسْقِطُ ثُلُثَيْ نَصِيبٍ بِثُلُثَيْ نَصِيبٍ، يَبْقَى ثُلُثَا مَالٍ تَعْدِلُ نَصِيبَيْنِ وَثُلُثَ نَصِيبٍ.

ثُمَّ إِنْ شِئْتَ بَسَطْتَهَا أَثْلَاثًا، وَقَلَبْتَ الِاسْمَ، فَالْمَالُ سَبْعَةٌ، وَالنَّصِيبُ اثْنَانِ.

وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: إِذَا عَادَلَ ثُلُثَا مَالٍ نَصِيبَيْنِ وَثُلُثَ نَصِيبٍ، فَالْمَالُ الْكَامِلُ يُعَادِلُ ثَلَاثَةَ أَنْصِبَاءَ وَنِصْفَ نَصِيبٍ، تَبْسُطُهَا أَنْصَافًا، يَكُونُ سَبْعَةً، وَلَيْسَ لَهَا ثُلُثٌ صَحِيحٌ، فَتَضْرِبُهَا فِي ثَلَاثَةٍ، تَبْلُغُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ، فَهُوَ الْمَالُ، وَالنَّصِيبُ سِتَّةٌ، تَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَالِ وَهُوَ سَبْعَةٌ، وَتُلْقِي مِنْهُ النَّصِيبَ، يَبْقَى وَاحِدٌ فَهُوَ التَّكْمِلَةُ، وَتَدْفَعُ ثُلُثَ السِّتَّةِ إِلَى عَمْرٍو، يَبْقَى أَرْبَعَةٌ، تَضُمُّهَا إِلَى ثُلُثَيِ الْمَالِ، يَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، لِكُلِّ ابْنٍ سِتَّةٌ.

قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: كَذَا ذَكَرُوهُ.

لَكِنْ لَوْ تَجَرَّدَتِ الْوَصِيَّةُ الْأُولَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَأَوْصَى وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ بِتَكْمِلَةِ ثُلُثِ مَالِهِ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمْ، فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ ; لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ ابْنٍ يَسْتَغْرِقُ الثُّلُثَ، فَلَا تَكْمِلَةَ، وَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْوَصِيَّةُ الْأُولَى هُنَا بَاطِلَةٌ، وَالثَّانِيَةُ فَرْعُهَا فَتَبْطُلُ أَيْضًا، قَالَ: وَوَجْهُ مَا ذَكَرُوهُ، أَنَّ الْوَصِيَّةَ الثَّانِيَةَ تَنْقُصُ النَّصِيبَ عَنِ الثُّلُثِ، فَتَظْهَرُ بِهَا التَّكْمِلَةُ.

قَالَ: وَيَجِبُ أَنْ تُخَرَّجَ الْمَسْأَلَةُ وَأَخَوَاتُهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ، فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاللَّفْظِ أَوِ الْمَعْنَى، كَمَا إِذَا قَالَ: بِعْتُكَ بِلَا ثَمَنٍ وَنَحْوَهُ؟ قُلْتُ: الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ صِحَّةُ الْوَصِيَّتَيْنِ هُنَا قَطْعًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَابِ الْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعُقُودِ ظَاهِرٌ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>