الْهِبَةُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ، وَتَبْطُلُ فِي ثُلُثِهِ، وَلِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ ثُلُثَا كَسْبِهِ، وَذَلِكَ ضِعْفُ مَا صَحَّتْ فِيهِ الْهِبَةُ، وَلَمْ يَحْسِبْ ثُلُثَا الْعَبْدِ عَلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ ; لِأَنَّهُ تَلِفَ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ، وَحَسَبْنَا عَلَى الْمُتَّهِبِ مَا تَلِفَ مِنْ وَصِيَّتِهِ ; لِأَنَّهُ تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَهَبَ لِأَخِيهِ مَالًا لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، فَمَاتَ الْأَخُ قَبْلَهُ وَخَلَّفَ بِنْتًا وَأَخَاهُ الْوَاهِبَ، ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ، فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ بِالْمِيرَاثِ نِصْفَهُ، فَالْبَاقِي عَبْدٌ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَتَجْبُرُ وَتُقَابِلُ، فَعَبْدٌ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ، فَالشَّيْءُ خُمُسَا الْعَبْدِ، فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِي خُمُسَيْهِ، وَتَبْطُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِهِ، وَيَرْجِعُ بِالْمِيرَاثِ أَحَدُ الْخُمُسَيْنِ، فَيَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَهِيَ ضِعْفُ مَا صَحَّتْ فِيهِ الْهِبَةُ.
مَسْأَلَةٌ: أَخٌ وَأُخْتٌ مَرِيضَانِ، وَهَبَ كُلٌّ لِلْآخَرِ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ سِوَاهُ وَهُمَا مُتَسَاوِيَا الْقِيمَةِ، ثُمَّ مَاتَ الْأَخُ وَخَلَّفَ بِنْتَيْنِ وَالْأُخْتَ الْوَاهِبَةَ، أَوْ مَاتَتِ الْأُخْتُ وَخَلَّفَتْ زَوْجًا وَالْأَخَ الْوَاهِبَ، فَإِنْ مَاتَتِ الْأُخْتُ أَوَّلًا، صَارَتْ هِبَتُهَا لِلْأَخِ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ.
وَأَمَّا هِبَةُ الْأَخِ، فَتَصِحُّ فِي شَيْءٍ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ نِصْفُ شَيْءٍ مَعَ نِصْفِ الْعَبْدِ الَّذِي كَانَ لَهَا، فَيَجْتَمِعُ لِوَرَثَتِهِ عَبْدٌ وَنِصْفُ عَبْدٍ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَبَعْدَ الْجَبْرِ: عَبْدٌ وَنِصْفُ عَبْدٍ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ، فَتَبْسُطُهَا أَنْصَافًا، وَتَقْلِبُ الِاسْمَ، فَالْعَبْدُ خَمْسَةٌ، وَالشَّيْءُ ثَلَاثَةٌ، تَصِحُّ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ نِصْفُهَا وَنِصْفُ الْعَبْدِ الَّذِي لَهَا وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، فَيُضَمُّ إِلَى الْخُمُسَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ لَهُ، يَكُونُ سِتَّةَ أَجْزَاءِ ضِعْفَ الْهِبَةِ.
وَإِنْ مَاتَ الْأَخُ أَوَّلًا، صَارَتْ هِبَتُهُ لِلْأُخْتِ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ، وَتَصِحُّ هِبَةُ الْأُخْتِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهَا ثُلُثُهَا مَعَ ثُلُثِ الْعَبْدِ الَّذِي كَانَ لَهُ، فَيَجْتَمِعُ لِوَرَثَتِهَا عَبْدٌ وَثُلُثُ عَبْدٍ إِلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَبَعْدَ الْجَبْرِ: عَبْدٌ وَثُلُثُ عَبْدٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَثُلْثَيْ شَيْءٍ، فَتَبْسُطُهَا أَثْلَاثًا، وَتَقْلِبُ الِاسْمَ، فَالْعَبْدُ ثَمَانِيَةٌ، وَالشَّيْءُ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ نِصْفُهَا، تَصِحُّ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ، وَيَنْضَمُّ إِلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute