مَالُهُ وَهُوَ عَبْدٌ، فَالْمَبْلَغُ عَبْدٌ وَنِصْفٌ يَعُودُ ثُلُثُهُ إِلَى الْأُخْتِ وَهُوَ نِصْفُ عَبْدٍ، فَيَجْتَمِعُ لِوَرَثَتِهَا عَبْدٌ ضِعْفُ الْهِبَةِ.
وَلَوْ عَمِيَ مَوْتُهُمَا وَلَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، صَحَّتْ هِبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي نِصْفِ عَبْدِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَهَبَ لِزَوْجَتِهِ مِائَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا، وَأَقْبَضَهَا، فَأَوْصَتْ هِيَ بِثُلُثِ مَالِهَا، ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ الزَّوْجِ، صَحَّتْ هِبَتُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمِائَةِ، وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهَا فِي ثُلُثِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَيَرْجِعُ إِلَى الزَّوْجِ بِالْإِرْثِ نِصْفُ ذَلِكَ الْبَاقِي وَهُوَ ثُلُثُ شَيْءٍ، فَيَحْصُلُ عِنْدَ الزَّوْجِ مِائَةٌ إِلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَبَعْدَ الْجَبْرِ: مِائَةٌ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ، فَتَبْسُطُهُمَا أَثْلَاثًا، وَتَقْلِبُ الِاسْمَ، فَالْمِائَةُ ثَمَانِيَةٌ، وَالشَّيْءُ ثَلَاثَةٌ، فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الْمِائَةِ، وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ فِي ثُمُنٍ، وَيَرْجِعُ بِالْإِرْثِ ثُمُنٌ إِلَى الزَّوْجِ، فَيَحْصُلُ عِنْدَ وَرَثَتِهِ سِتَّةُ أَثْمَانٍ وَهُوَ ضِعْفُ الْهِبَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَهَبَ مَرِيضٌ لِمَرِيضٍ عَبْدًا، وَأَقْبَضَهُ، ثُمَّ وَهَبَهُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَأَقْبَضَهُ، وَلَا مَالَ لَهُمَا غَيْرُهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْأَوَّلُ وَمَاتَا، قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: الْمَسْأَلَةُ تَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ ثُلُثَاهُ، وَلِوَرَثَةِ الثَّانِي رُبُعُهُ، وَيَعْتِقُ مِنْهُ بَاقِي الثُّلُثِ وَهُوَ نِصْفُ سُدُسِهِ، قَالَ الْأُسْتَاذُ: هَذَا خَطَأٌ عِنْدَ حُذَّاقِ الْأَصْحَابِ، وَالْعِتْقُ بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْهِبَةَ عَلَى الْعِتْقِ وَهِيَ تَسْتَغْرِقُ الثُّلُثَ.
وَإِذَا بَطَلَ الْعِتْقُ، صَحَّتْ هِبَةُ الْأَوَّلِ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ بِالْهِبَةِ الثَّانِيَةِ ثُمُنُهُ، فَيَجْتَمِعُ مَعَ وَرَثَتِهِ سِتَّةُ أَثْمَانٍ وَهِيَ ضِعْفُ الْهِبَةِ.
وَصَوَّبَ الْإِمَامُ ابْنُ سُرَيْجٍ فَقَالَ: إِذَا اجْتَمَعَ لِلْأَوَّلِ سِتَّةُ أَثْمَانِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَ، فَتَنْفِيذُ الْعِتْقِ فِي تَمَامِ الثُّلُثِ لَا يُنْقِصُ حَقَّ وَرَثَتِهِ مِنَ الثُّلُثَيْنِ، وَلَا حَقَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ، فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ تَعْدِيلِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَرِعَايَةِ الْأَثْمَانِ، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي ثَمَانِيَةٍ، تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ كَمَا ذَكَرَهُ.
فَلَوْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ هِبَةِ الثَّانِي، ثُمَّ وَهَبَهُ الثَّانِي، لَغَا الْعِتْقُ، إِذْ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، إِلَّا أَنْ يَحْتَمِلَ الْوَقْفَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute