للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّرْطُ الثَّالِثُ. وَإِنْ وُلِّيَ جِبَايَةَ نَوْعٍ خَاصٍّ مِنَ الْفَيْءِ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ فِيهِ عَنِ اسْتِنَابَةٍ، اشْتُرِطَ إِسْلَامُهُ وَحُرِّيَّتُهُ وَاطِّلَاعُهُ بِشَرْطِ مَا وَلِيَ مِنْ حِسَابٍ وَمِسَاحَةٍ، لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْوِلَايَةِ. وَإِنِ اسْتَغْنَى عَنِ الِاسْتِنَابَةِ، جَازَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ كَالرَّسُولِ الْمَأْمُورِ. وَأَمَّا تَوْلِيَةُ الذِّمِّيِّ، فَإِنْ كَانَتْ جِبَايَةٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَالْجِزْيَةِ وَعُشْرِ التُّجَّارِ، جَازَتْ. وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَفِي جَوَازِهَا وَجْهَانِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْمَنْعُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِذَا فَسَدَتْ وِلَايَةُ الْعَامِلِ، وَقَبَضَ الْمَالَ مَعَ فَسَادِهَا، بَرِئَ الدَّافِعُ، لِبَقَاءِ الْإِذْنِ. فَلَوْ نُهِيَ عَنِ الْقَبْضِ بَعْدَ فَسَادِهَا لَمْ يَبْرَأَ الدَّافِعُ إِلَيْهِ إِنْ عَلِمَ النَّهْيَ، وَإِنْ جَهِلَهُ، فَوَجْهَانِ، كَالْوَكِيلِ.

قُلْتُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا تَأَخَّرَ الْعَطَاءُ عَنِ الْمُثْبَتِينَ فِي الدِّيوَانِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِمْ، وَكَانَ الْمَالُ حَاصِلًا، فَلَهُمُ الْمُطَالَبَةُ كَالدُّيُونِ. وَإِنْ أَعْوَزَ بَيْتُ الْمَالِ، كَانَتْ أَرْزَاقُهُمْ دَيْنًا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَلَيْسَ لَهُمْ مُطَالَبَةُ وَلِيِّ الْأَمْرِ بِهِ. قَالَ: وَإِذَا أَرَادَ وَلِيُّ الْأَمْرِ إِسْقَاطَ بَعْضِهِمْ لِسَبَبٍ، جَازَ، وَبِغَيْرِ سَبَبٍ، لَا يَجُوزُ.

وَإِذَا أَرَادَ بَعْضُهُمْ إِخْرَاجَ نَفْسِهِ مِنَ الدِّيوَانِ، جَازَ إِنِ اسْتَغْنَى عَنْهُ، وَلَا يَجُوزُ مَعَ الْحَاجَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا. قَالَ: وَإِذَا جُرِّدَ الْجَيْشُ لِلْقِتَالِ، فَامْتَنَعُوا وَهُمْ أَكْفَاءُ مَنْ حَارَبَهُمْ، سَقَطَتْ أَرْزَاقُهُمْ. وَإِنْ ضَعُفُوا عَنْهُ، لَمْ تَسْقُطْ. وَإِذَا جُرِّدَ أَحَدُهُمْ لِسَفَرٍ، أُعْطِيَ نَفَقَةَ سَفَرِهِ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي تَقْدِيرِ عَطَائِهِ، وَلَمْ يُعْطَ إِنْ دَخَلَ فِيهِ. وَإِذَا تَلِفَ سِلَاحُهُ فِي الْحَرْبِ، أُعْطِيَ عِوَضَهُ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي تَقْدِيرِ عَطَائِهِ، وَإِلَّا، فَلَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>