للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَابُ الثَّانِي فِي الْغَنِيمَةِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا، أَنَّهَا الْمَالُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْكُفَّارِ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: سَوَاءٌ مَا أَخَذْنَاهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ قَهْرًا وَمَا اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ بَعْدَمَا هَزَمْنَاهُمْ فِي الْقِتَالِ وَتَرَكُوهُ.

وَحِلُّ الْغَنِيمَةِ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ، زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا، وَكَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً، يَصْنَعُ فِيهَا مَا يَشَاءُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إِعْطَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ، فَجُعِلَ خُمُسُهَا مَقْسُومًا خَمْسَةَ أَسْهُمٍ كَالْفَيْءِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الْأَنْفَالِ: ٤١] وَجُعِلَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ. وَيَعْرِضُ فِي أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ النَّفَلُ وَالرَّضَخُ وَالسَّلَبُ وَالْقِسْمَةُ، وَيَحْصُلُ بَيَانُهَا فِي أَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ.

الْأَوَّلُ: النَّفَلُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْفَاءِ، وَهُوَ زِيَادَةُ مَالٍ عَلَى سَهْمِ الْغَنِيمَةِ، يَشْرُطُهُ الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْجَيْشِ لِمَنْ يَقُومُ بِمَا فِيهِ نِكَايَةٌ زَائِدَةٌ فِي الْعَدُوِّ، أَوْ تَوَقُّعُ ظَفَرٍ، أَوْ دَفْعُ شَرٍّ، وَذَلِكَ كَالتَّقَدُّمِ عَلَى طَلِيعَةٍ، أَوِ التَّهَجُّمِ عَلَى قَلْعَةٍ، أَوِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهَا، وَكَحِفْظِ مَكْمَنٍ، وَتَجَسُّسِ حَالٍ وَشِبْهِهَا. وَإِنَّمَا يُنَفِّلُ إِذَا مَسَّتْ حَاجَةٌ لِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَاقْتَضَى الْحَالُ بَعْثَ السَّرَايَا وَحِفْظَ الْمَكَامِنِ، وَلِذَلِكَ نَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ دُونَ بَعْضٍ. ثُمَّ الْكَلَامُ فِيمَنْ شَرَطَ لَهُ، وَفِي مَحَلِّ الْمَشْرُوطِ وَقَدْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>