قُلْتُ: وَإِذَا نَظَرَ فَلَمْ تُعْجِبْهُ، فَلْيَسْكُتْ، وَلَا يَقُلْ: لَا أُرِيدُهَا، لِأَنَّهُ إِيذَاءٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي أَحْكَامِ النَّظَرِ.
جَرَتِ الْعَادَةُ بِذِكْرِهِ هُنَا، وَلَهُ حَالَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا تَمَسَّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ. وَالثَّانِي: أَنْ تَمَسَّ.
وَ [الْحَالُ] الْأَوَّلُ: أَرْبَعَةُ أَضْرُبٍ، نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى الْمَرْأَةِ، وَعَكْسُهُ، وَالرَّجُلِ إِلَى الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ.
[الضَّرْبُ] الْأَوَّلُ: نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى الْمَرْأَةِ، فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ إِلَى عَوْرَتِهَا مُطْلَقًا، وَإِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا إِنْ خَافَ فِتْنَةً. وَإِنْ لَمْ يَخَفْ، فَوَجْهَانِ، قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَا سِيَّمَا الْمُتَقَدِّمُونَ: لَا يَحْرُمُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)
[الْأَحْزَابِ: ٣١] وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، لَكِنْ يُكْرَهُ، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. وَالثَّانِي: يَحْرُمُ، قَالَهُ الِاصْطَخْرِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَالْإِمَامُ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ (الْمُهَذَّبِ) وَالرُّويَانِيُّ، وَوَجَّهَهُ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ مِنَ الْخُرُوجِ سَافِرَاتٍ، وَبِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ، وَهُوَ مُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ، فَاللَّائِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرْعِ، سَدُّ الْبَابِ فِيهِ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ، كَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ. ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْكَفِّ، الْيَدُ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إِلَى الْمِعْصَمِ. وَفِي وَجْهٍ: يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالرَّاحَةِ. وَأَمَّا أَخْمَصَا الْقَدَمَيْنِ، فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ. وَصَوْتُهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، لَكِنْ يَحْرُمُ الْإِصْغَاءُ إِلَيْهِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ. وَإِذَا قَرَعَ بَابَهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُجِيبَ بِصَوْتٍ رَخِيمٍ، بَلْ تُغَلِّظُ صَوْتَهَا.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ تَغْلِيظِ صَوْتِهَا، كَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ: طَرِيقُهَا أَنْ تَأْخُذَ ظَهْرَ كَفِّهَا بِفِيهَا وَتُجِيبَ كَذَلِكَ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute