هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ النَّاظِرُ بَالِغًا فَحْلًا، وَالْمَنْظُورُ إِلَيْهَا حُرَّةً كَبِيرَةً أَجْنَبِيَّةً. ثُمَّ الْكَلَامُ فِي سِتِّ صُوَرٍ.
إِحْدَاهَا: الطِّفْلُ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، لَا حِجَابَ مِنْهُ. وَفِي الْمُرَاهِقِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَهُ النَّظَرُ، كَمَا لَهُ الدُّخُولُ بِلَا اسْتِئْذَانٍ إِلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، فَعَلَى هَذَا، نَظَرُهُ كَنَظَرِ الْمَحَارِمِ الْبَالِغِينَ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّ نَظَرَهُ كَنَظَرِ الْبَالِغِ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ. وَنَزَّلَ الْإِمَامُ أَمْرَ الصَّبِيِّ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ. إِحْدَاهَا: أَنْ لَا يَبْلُغَ أَنْ يَحْكِيَ مَا يَرَى. وَالثَّانِيَةُ: يَبْلُغُهُ وَيَكُونُ فِيهِ ثَوَرَانُ شَهْوَةٍ وَتَشَوُّفٌ. وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ فِيهِ ذَلِكَ. فَالْأَوَّلُ حُضُورُهُ كَغَيْبَتِهِ، وَيَجُوزُ التَّكَشُّفُ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَالثَّانِي: كَالْمَحْرَمِ. وَالثَّالِثُ: كَالْبَالِغِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ، وَإِذَا جَعَلْنَاهُ كَالْبَالِغِ، فَمَعْنَاهُ يَلْزَمُ الْمَنْظُورَ إِلَيْهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ، كَمَا يَلْزَمُهَا الِاحْتِجَابُ مِنَ الْمَجْنُونِ قَطْعًا.
قُلْتُ: وَإِذَا جَعَلْنَا الصَّبِيَّ كَالْبَالِغِ، لَزِمَ الْوَلِيَّ أَنْ يَمْنَعَهُ النَّظَرَ، كَمَا يَلْزَمُ أَنْ يَمْنَعَهُ الزِّنَا وَسَائِرَ الْمُحَرَّمَاتِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الثَّانِيَةُ: فِي الْمَمْسُوحِ وَجْهَانِ. قَالَ الْأَكْثَرُونَ: نَظَرُهُ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، كَنَظَرِ الْفَحْلِ إِلَى الْمَحَارِمِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ)
[الْأَحْزَابِ: ٣١] . وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَالْفَحْلِ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ، لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute