الصِّحَّةُ فِيهِمَا، حَتَّى لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ هَذَا الْغُلَامَ، وَأَشَارَ إِلَى بِنْتِهِ، نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنِ الْأَصْحَابِ صِحَّةَ النِّكَاحِ، تَعْوِيلًا عَلَى الْإِشَارَةِ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ دَارِي هَذِهِ، وَحَدَّدَهَا وَغَلِطَ فِي حُدُودِهَا، صَحَّ الْبَيْعُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ الدَّارَ الَّتِي فِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَحَدَّدَهَا وَغَلِطَ، لِأَنَّ التَّعْوِيلَ هُنَا عَلَى الْإِشَارَةِ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ دَارِي، وَلَمْ يَقُلْ: هَذِهِ، وَحَدَّدَهَا وَغَلِطَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَارٌ سِوَاهَا، وَجَبَ أَنْ يَصِحَّ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي قَوْلِهِ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي فُلَانَةً وَغَلِطَ فِي اسْمِهَا.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ اسْمُ بِنْتِهِ (الْوَاحِدَةِ) فَاطِمَةَ، فَقَالَ: زَوَّجْتُكَ فَاطِمَةَ، وَلَمْ يَقُلْ: بِنْتِي، فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ لِكَثْرَةِ الْفَوَاطِمِ، لَكِنْ (لَوْ) نَوَاهَا، صَحَّ. كَذَا قَالَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْبَغَوِيُّ، وَاعْتَرَضَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ شَرْطٌ، وَالشُّهُودُ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ، وَهَذَا قَوِيٌّ، وَلِهَذَا الْأَصْلِ مَنَعْنَا النِّكَاحَ بِالْكِنَايَاتِ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ بِنْتَانِ فَصَاعِدًا، اشْتُرِطَ تَمْيِيزُ الْمَنْكُوحَةِ بِاسْمٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ صِفَةٍ، كَقَوْلِهِ: فَاطِمَةُ، أَوْ هَذِهِ، أَوِ الْكُبْرَى. قَالَ الْمُكْتَفُونَ بِالنِّيَّةِ: أَوْ بِأَنْ يَنْوِيَا وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَفْظٌ مُمَيِّزٌ.
وَلَوْ قَالَ: بِنْتِي الْكُبْرَى وَسَمَّاهَا بِاسْمِ الصُّغْرَى، صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْكُبْرَى عَلَى الْوَصْفِ. وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْوَاحِدَةِ أَنْ يَبْطُلَ النِّكَاحُ.
وَإِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكِبَرِ وَالصِّغَرِ، بَلْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي فُلَانَةً، وَذَكَرَ اسْمَ الْكَبِيرَةِ وَقَصَدَ تَزْوِيجَهُ الصَّغِيرَةَ، أَوْ بِالْعَكْسِ، وَقَصَدَ الزَّوْجُ الَّتِي قَصَدَهَا الْوَلِيُّ، صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الَّتِي قَصَدَاهَا، وَلَغَتِ التَّسْمِيَةُ. وَفِي الِاعْتِمَادِ عَلَى النِّيَّةِ الْإِشْكَالُ السَّابِقُ. وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: قَصَدْنَا الْكَبِيرَةَ، فَالنِّكَاحُ فِي الظَّاهِرِ مُنْعَقِدٌ عَلَى الْكَبِيرَةِ.
وَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute