فِي أَنَّهُ قَصَدَ الصَّغِيرَةَ، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ قَبِلَ غَيْرَ مَا أَوْجَبَ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْبَغَوِيُّ الْمُعْتَبِرُونَ لِلنِّيَّةِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَسْأَلَةً مَنْقُولَةً، وَهِيَ أَنَّ زَيْدًا خَطَبَ إِلَى قَوْمٍ، وَعَمْرًا إِلَى آخَرِينَ، ثُمَّ جَاءَ زَيْدٌ إِلَى الْآخَرِينَ، وَعَمْرٌو إِلَى الْأَوَّلِينَ، وَزَوَّجَ كُلُّ فَرِيقٍ مَنْ جَاءَهُ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَقَعَتْ فِي أَيَّامِ أَبِي السَّائِبِ بِبَغْدَادَ، فَأَفْتَى الْفُقَهَاءُ بِصِحَّةِ النِّكَاحَيْنِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ وَلِيٍّ أَوْجَبَ لِغَيْرِ مَنْ قَبِلَ.
قُلْتُ: لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِثْلَهَا، وَالْفَرْقُ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ.
وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ، زَوَّجُ رَجُلٌ رَجُلًا إِحْدَى بِنْتَيْهِ، فَمَاتَ الْأَبُ، وَادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَيْهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، أَوِ ادَّعَى هُوَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الشَّهَادَةُ، فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ إِلَّا بِحَضْرَةِ رَجُلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ سَمِيعَيْنِ بَصِيرَيْنِ مُتَيَقِّظَيْنِ عَارِفَيْنِ لِسَانَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ بِالْأَعْمَيَيْنِ، وَحَكَى أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجْهًا أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِمَنْ لَا يَعْرِفُ لِسَانَ الْمُتَعَاقِدَيْنَ، لِأَنَّهُ يَنْقُلُهُ إِلَى الْحَاكِمِ. وَأَمَّا الْمُغَفَّلُ الَّذِي لَا يَضْبِطُ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ، وَيَنْعَقِدُ بِمَنْ يَحْفَظُ وَيَنْسَى عَنْ قَرِيبٍ.
وَفِي الْأَخْرَسِ وَذِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيَّةِ، وَالصَّبَّاغِ، وَالصَّائِغِ، وَجْهَانِ. وَفِي عَدُوَّيِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ: الِانْعِقَادُ. وَالثَّالِثُ: يَنْعَقِدُ بِعَدُوَّيْ أَحَدِهِمَا دُونَ عَدُوَّيْهِمَا، وَاخْتَارَهُ الْعِرَاقِيُّونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute