فَرْعٌ
قَالَتْ: وَكَّلْتُكَ بِتَزْوِيجِي، فَالَّذِي لَقِينَاهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ لَا يَعُدُّونَهُ إِذْنًا، لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ بَاطِلٌ، لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مَسْطُورَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْتَدَّ بِهِ إِذْنًا، كَمَا إِذَا فَسَدَتِ الْوَكَالَةُ، نَفَذَ التَّصَرُّفُ بِالْإِذْنِ.
قُلْتُ: هَذَا عَجَبٌ مِنَ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ، وَالْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصَةٌ لِلشَّافِعِيِّ. قَالَ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» : يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ بِلَفْظِ (الْإِذْنِ) ، وَيَجُوزُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ، فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ نَقْلًا وَدَلِيلًا. وَلَوْ أَذِنَتْ لَهُ، ثُمَّ رَجَعَتْ، لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُهَا، كَالْمُوَكِّلِ إِذَا عَزَلَ الْوَكِيلَ، فَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بَعْدَ الْعَزْلِ قَبْلَ الْعِلْمِ، فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى بَيْعِ الْوَكِيلِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فِي «فَتَاوَى» الْبَغَوِيِّ: أَنَّ الَّتِي يُعْتَبَرُ إِذْنُهَا فِي تَزْوِيجِهَا إِذَا قَالَتْ لِوَلِيِّهَا وَهِيَ فِي نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ: أَذِنْتُ لَكَ فِي تَزْوِيجِي إِذَا فَارَقَنِي زَوْجِي أَوِ انْقَضَتْ عِدَّتِي، فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْإِذْنُ، كَمَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ: زَوِّجْ بِنْتِي إِذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا أَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا. وَفِي هَذَا التَّوْكِيلِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ. وَفِيهَا أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لِلْبِكْرِ: رَضِيتِ بِمَا تَفْعَلُهُ أُمُّكِ؟ وَهِيَ تَعْرِفُ أَنَّهُمْ يَعْنُونَ النِّكَاحَ، فَقَالَتْ: رَضِيتُ، لَمْ يَكُنْ إِذْنًا، لِأَنَّ الْأُمَّ لَا تَعْقِدُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ: رَضِيتُ بِمَا يَفْعَلُ الْوَلِيُّ. وَلَوْ قَالَتْ: رَضِيتُ بِالتَّزْوِيجِ بِمَنْ تَخْتَارُهُ أُمِّي، جَازَ. وَلَوْ قَالَتْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute