رَضِيتُ إِنْ رَضِيَتْ أُمِّي، لَا يَجُوزُ. وَلَوْ قَالَتْ: رَضِيتُ إِنْ رَضِيَ وَلِيِّي. فَإِنْ أَرَادَتِ التَّعْلِيقَ، لَمْ يَجُزْ. وَإِنْ أَرَادَتْ: إِنِّي رَضِيتُ بِمَا يَفْعَلُهُ الْوَلِيُّ، كَانَ إِذْنًا. وَفِيهَا: لَوْ أَذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ بِأَلْفٍ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا عِنْدَ الْعَقْدِ: بِخَمْسِمِائَةٍ، فَسَكَتَتْ وَهِيَ بِكْرٌ، كَانَ سُكُوتُهَا إِذْنًا فِي تَزْوِيجِهَا بِخَمْسِمِائَةٍ. وَلَوْ قِيلَ ذَلِكَ لِأُمِّهَا وَهِيَ حَاضِرَةٌ، فَسَكَتَتْ، لَمْ يَكُنْ إِذْنًا.
السَّبَبُ الثَّالِثُ: الْإِعْتَاقُ، فَالْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ يُزَوِّجُونَ كَالْأَخِ.
السَّبَبُ الرَّابِعُ: السَّلْطَنَةُ، فَيُزَوِّجُ السُّلْطَانُ بِالْوَلَايَةِ الْعَامَّةِ الْبَوَالِغَ بِإِذْنِهِنَّ، وَلَا يُزَوِّجُ الصِّغَارَ. ثُمَّ السُّلْطَانُ يُزَوِّجُ فِي مَوَاضِعَ. أَحَدُهَا: عَدَمُ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ. الثَّانِي: عِنْدَ غَيْبَتِهِ. الثَّالِثُ: عِنْدَ إِرَادَتِهِ تَزَوُّجَهَا لِنَفْسِهِ. الرَّابِعُ: عَضْلُهُ، فَإِذَا عَضَلَهَا وَلِيُّهَا بِقَرَابَةٍ أَوْ إِعْتَاقٍ، وَاحِدًا كَانَ، أَوْ جَمَاعَةً مُسْتَوِينَ، زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ. وَهَلْ تَزْوِيجُهُ فِي هَذَا الْحَالِ بِالْوَلَايَةِ، أَمِ النِّيَابَةِ عَنِ الْوَلِيِّ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ فِيهِ وَفِي جَمِيعِ صُوَرِ تَزْوِيجِ السُّلْطَانِ مَعَ وُجُودِ أَهْلِيَّةِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ. ثُمَّ إِنَّمَا يَحْصُلُ الْعَضْلُ إِذَا دَعَتِ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ إِلَى تَزْوِيجِهَا بِكُفْءٍ فَامْتَنَعَ. فَأَمَّا إِذَا دَعَتْ إِلَى غَيْرِ كُفْءٍ، فَلَهُ الِامْتِنَاعُ، وَلَا يَكُونُ عَضْلًا. وَإِذَا حَصَلَتِ الْكَفَاءَةُ، فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ لِنُقْصَانِ الْمَهْرِ، لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّهَا. وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَضْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيُزَوِّجَهَا. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَلَا يَتَحَقَّقُ الْعَضْلُ حَتَّى يَمْتَنِعَ بَيْنَ يَدَيِ الْقَاضِي، وَذَلِكَ بِأَنْ يَحْضُرَ الْخَاطِبُ وَالْمَرْأَةُ وَالْوَلِيُّ، وَيَأْمُرَهُ الْقَاضِي بِالتَّزْوِيجِ فَيَقُولُ: لَا أَفْعَلُ، أَوْ يَسْكُتُ، فَحِينَئِذٍ يُزَوِّجُهَا الْقَاضِي. وَكَانَ هَذَا فِيمَا إِذَا تَيَسَّرَ إِحْضَارُهُ عِنْدَ الْقَاضِي. فَأَمَّا إِذَا تَعَذَّرَ بِتَعَزُّزٍ أَوْ تَوَارٍ، فَيَجِبُ أَنْ يَجُوزَ الْإِثْبَاتُ بِالْبَيِّنَةِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ الْحُضُورِ لَا مَعْنَى لِلْبَيِّنَةِ، فَإِنَّهُ إِنْ زَوَّجَ، وَإِلَّا فَعَضَلَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute