للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ إِنَّمَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَ الْعَاقِلَ الْأَبُ وَالْجَدُّ، وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ وَانْتِفَاءِ كَمَالِ الشَّفَقَةِ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ فِي البُوَيْطِيِّ، وَصَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ فِي «الْبَيَانِ» : يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ كَالْأَبِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

فِي الْمَجْنُونَةِ أَوْجُهٌ. الصَّحِيحُ: أَنَّ الْأَبَ - وَالْجَدَّ عِنْدَ عَدَمِهِ - يُزَوِّجَانِهَا، سَوَاءً كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا. وَالثَّانِي: لَا يَسْتَقِلَّانِ بِتَزْوِيجِ الْكَبِيرَةِ الثَّيِّبِ، بَلْ يُشْتَرَطُ إِذْنُ السُّلْطَانِ بَدَلًا عَنْ إِذْنِهَا. وَالثَّالِثُ: لَا يُزَوَّجُ الثَّيِّبُ الصَّغِيرَةُ كَمَا لَوْ كَانَتْ عَاقِلَةً، وَالْفَرْقُ عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الْبُلُوغَ غَايَةٌ تُنْتَظَرُ.

ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَزْوِيجِهَا ظُهُورُ الْحَاجَةِ، بَلْ يَكْفِي ظُهُورُ الْمَصْلَحَةِ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ، لِأَنَّ نِكَاحَهَا يُفِيدُ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ، وَيُغَرَّمُ الْمَجْنُونُ.

وَسَوَاءٌ الَّتِي بَلَغَتْ مَجْنُونَةً، وَمَنْ بَلَغَتْ عَاقِلَةً ثُمَّ جُنَّتْ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ، فَوِلَايَةُ مَالِهِ لِأَبِيهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهَا لِلسُّلْطَانِ، فَكَذَا التَّزْوِيجُ.

وَأَمَّا الْمَجْنُونَةُ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا وَلَا جَدَّ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، لَمْ تُزَوَّجْ، إِذْ لَا إِجْبَارَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَلَا حَاجَةَ لَهَا فِي الْحَالِ. وَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً، فَفِيمَنْ يُزَوِّجُهَا وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَرِيبُ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ، لَكِنْ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ، بَلْ يُشْتَرَطُ إِذْنُ السُّلْطَانِ مَقَامَ إِذْنِهَا. فَإِنِ امْتَنَعَ الْقَرِيبُ، زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ كَمَا لَوْ عَضَلَهَا. وَأَصَحُّهُمَا: يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ كَمَا يَلِي مَالَهَا، لَكِنْ يُرَاجِعُ أَقَارِبَهَا، لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهَا وَتَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ، وَهَذِهِ الْمُرَاجَعَةُ وَاجِبَةٌ، أَمْ مُسْتَحَبَّةً؟ وَجْهَانِ. صَحَّحَ الْبَغَوِيُّ الْوُجُوبَ، وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>