فَإِنْ جَرَّدَتْ دَعْوَى النِّكَاحِ، فَعَلَى مَا سَبَقَ، وَإِنِ ادَّعَتِ الْمَهْرَ، حَلَّفَتْهُ. فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَتْ وَأَخَذَتْ نِصْفَ الْمَهْرِ، وَإِنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا امْرَأَتُهُ، فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا، ثَبَتَ نِكَاحُهُ، وَهَلْ لِلْآخَرِ تَحْلِيفُهَا؟ قَوْلَانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِيمَنْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ بِشَخْصَيْنِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ، فَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا، هَلْ يُغَرَّمُونَ لَهُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَإِنَّمَا يُغَرَّمُونَ مَا فَوَّتُوا عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ نِصْفُ الْمُسَمَّى. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُغَرَّمُونَ، فَذَلِكَ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ زَادَ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَحُكْمُ الزِّيَادَةِ فِي الرُّجُوعِ حُكْمُ شُهُودِ الْمَالِ إِذَا رَجَعُوا. وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِطَلَاقٍ، ثُمَّ رَجَعُوا، فَهَلْ يُغَرَّمُونَ مَهْرَ الْمِثْلِ أَمْ نِصْفَهُ، أَمْ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَوْضِعُهُ " بَابُ " الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ ". وَإِذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا فِي نِكَاحِ رَجُلٍ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ، وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ، ثُمَّ ادَّعَتِ الْإِصَابَةَ وَاسْتِقْرَارَ الْمَهْرِ، فَشَهِدَ عَلَى الْإِصَابَةِ أَوْ عَلَى إِقْرَارِ الزَّوْجِ بِهَا آخَرَانِ، ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَشَهِدَ بِذَلِكَ آخَرَانِ، وَحَكَمَ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَاتِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمَهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ جَمِيعًا، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: لَا غُرْمَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ ; لِأَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ وَالْإِصَابَةِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ إِلَّا إِثْبَاتُ مِلْكٍ وَاسْتِمْتَاعٌ بِمِلْكٍ، وَشُهُودُ الطَّلَاقِ لَمْ يُفَوِّتُوا عَلَيْهِ شَيْئًا فِي زَعْمِهِ، فَإِنَّهُ يُنْكِرُ النِّكَاحَ، وَلِأَنَّهُ إِنْ كَانَ نِكَاحٌ فَقَدْ فَوَّتَهُ بِزَعْمِهِ بِإِنْكَارِهِ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ.
وَالثَّانِي: لَا غُرْمَ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ وَالْإِصَابَةِ، وَيُغَرَّمُ شُهُودُ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُمْ فَوَّتُوا مَا ثَبَتَ بِالْأَوَّلَيْنِ. فَعَلَى هَذَا، فِي قَدْرِ غُرْمِهُمُ الْخِلَافُ الَّذِي أَحَلْنَاهُ عَلَى بَابِ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَبِهَذَا الْوَجْهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَوَافَقَهُ طَائِفَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute