وَالثَّالِثُ: وَهُوَ أَصَحُّهَا: لَا شَيْءَ عَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ ; لِأَنَّهُ يُنْكِرُ أَصْلَ النِّكَاحِ، فَكَيْفَ يُطَالِبُهُمْ بِضَمَانِ تَفْوِيتِهِ؟ بَلِ النِّكَاحُ لَا يَثْبُتُ مَعَ إِنْكَارِهِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ بَيِّنَةُ الطَّلَاقِ. وَأَمَّا شُهُودُ النِّكَاحِ وَالْإِصَابَةِ، فَإِنْ أَرَّخُوا شَهَادَتَهُمْ، فَشَهِدَ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ نَكَحَهَا فِي " الْمُحَرَّمِ " وَأُولَئِكَ أَنَّهُ أَصَابَهَا فِي " صَفَرٍ " غُرِّمَ الصِّنْفَانِ مَا غُرِّمَ الزَّوْجُ بِالسَّوِيَّةِ. وَإِنْ أَطْلَقَ شُهُودُ الْإِصَابَةِ شَهَادَتَهُمْ، فَنِصْفُ الْغُرْمِ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى شُهُودِ الْإِصَابَةِ، لِجَوَازِ وُقُوعِهَا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ وَكَوْنِهَا زِنًا، وَلَوْ شَهِدُوا بِالْإِصَابَةِ فِي النِّكَاحِ، فَقَدْ أُلْحِقَ ذَلِكَ بِمَا إِذَا أُرِّخَتِ الشَّهَادَتَانِ.
وَفِي " النِّهَايَةِ " أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا بِالنِّكَاحِ ثُمَّ عَلَى الْإِصَابَةِ بَعْدَهُ، اشْتَرَكَ الصِّنْفَانِ فِي غُرْمِ نِصْفِ الْمَهْرِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مُخْتَصٌّ بِغُرْمِ شُهُودِ الْإِصَابَةِ، وَالصُّورَتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ، وَلَا يَبْعُدُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِتَخْصِيصِ الْغُرْمِ بِشُهُودِ الْإِصَابَةِ.
[الْمَسْأَلَةُ] الرَّابِعَةُ: إِذَا زُوِّجَتْ بِرَجُلٍ، ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مَحْرَمِيَّةٌ، بِأَنْ قَالَتْ: هُوَ أَخِي مَنِ الرَّضَاعِ، أَوْ كُنْتُ زَوْجَةَ أَبِيهِ، أَوِ ابْنِهِ، أَوْ وَطِئَنِي أَحَدُهُمَا بِشُبْهَةٍ، نُظِرَ، أَوَقَعَ التَّزْوِيجُ بِرِضَاهَا أَمْ لَا؟
الْحَالَةُ الْأُولَى: زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا بِهِ بِأَنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، أَوْ زَوْجُهَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ، أَوْ زَوْجُهَا الْمُجْبَرُ بِرِضَاهَا، فَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا وَالنِّكَاحُ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ ; لِأَنَّ إِذْنَهَا فِيهِ يَتَضَمَّنُ حِلَّهَا لَهُ، فَلَا يُقْبَلُ نَقِيضُهُ. لَكِنْ إِنْ ذَكَرَتْ عُذْرًا كَغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ، سُمِعَتْ دَعْوَاهَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَتَحْلِفُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute