[الْحُكْمُ] الْأَوَّلُ: فِي أَنَّ الصَّدَاقَ فِي يَدِ الزَّوْجِ، كَيْفَ يُضْمَنُ؟ فَإِذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا، فَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا. وَفِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِهِ قَوْلَانِ.
أَظْهَرُهُمَا وَهُوَ الْجَدِيدُ: ضَمَانُ الْعَقْدِ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ.
وَالْقَدِيمُ: ضَمَانُ الْيَدِ كَالْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَامِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَسَائِلُ:
[الْمَسْأَلَةُ] الْأُولَى: إِذَا بَاعَتِ الصَّدَاقَ قَبْلَ قَبْضِهِ، إِنْ قُلْنَا: ضَمَانُ يَدٍ، جَازَ وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا فَاعْتَاضَتْ عَنْهُ، جَازَ إِنْ قُلْنَا: ضَمَانُ يَدٍ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ كَالثَّمَنِ. أَظْهَرُهُمَا: الْجَوَازُ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ. وَفِي «التَّتِمَّةِ» : لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ أَوْ صَنْعَةً، لَمْ يَجُزِ الِاعْتِيَاضُ عَلَى قَوْلِ ضَمَانِ الْعَقْدِ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ.
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّانِيَةُ: تَلِفَ الصَّدَاقُ الْمُعَيَّنُ فِي يَدِهِ، فَعَلَى ضَمَانِ الْعَقْدِ يَنْفَسِخُ عَقْدُ الصَّدَاقِ، وَيُقَدَّرُ عَوْدُ الْمِلْكِ إِلَيْهِ قُبَيْلَ التَّلَفِ، حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدًا كَانَ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ كَالْعَبْدِ الْمَبِيعِ يُتْلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَإِنْ قُلْنَا: ضَمَانُ الْيَدِ، تَلِفَ عَلَى مِلْكِهَا حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدًا، فَعَلَيْهَا تَجْهِيزُهُ. وَلَا يَنْفَسِخُ الصَّدَاقُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، بَلْ بَدَلُ مَا وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ تَسْلِيمُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مِثْلُ الصَّدَاقِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتُهُ إِنْ كَانَ مُتَقَوَّمًا.
وَرَجَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وُجُوبَ الْبَدَلِ، وَالْجُمْهُورُ رَجَّحُوا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ. فَإِذَا أَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ، فَهَلْ يَجِبُ أَقْصَى الْقِيمَةِ مِنْ يَوْمِ الصَّدَاقِ إِلَى يَوْمِ التَّلَفِ ; لِأَنَّ التَّسْلِيمَ كَانَ مُسْتَحَقًّا فِي كُلِّ وَقْتٍ، أَمْ يَوْمَ التَّلَفِ فَقَطْ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا؟ أَمْ يَوْمَ الصَّدَاقِ؟ أَمِ الْأَقَلُّ مِنْ يَوْمِ الصَّدَاقِ إِلَى يَوْمِ التَّلَفِ؟ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَلَوْ طَالَبَتْهُ بِالتَّسْلِيمِ فَامْتَنَعَ، تَعَيَّنَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَجِبُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ الْمُطَالَبَةِ إِلَى التَّلَفِ ; لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَعَدِّيًا. وَلَوْ طَالَبَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute