للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزَّوْجُ بِالْقَبْضِ فَامْتَنَعَتْ، فَفِي بَقَاءِ الصَّدَاقِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَجْهَانِ، نَقَلَهُمَا أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ، الصَّحِيحُ الضَّمَانُ، كَمَا أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْمَبِيعِ بِهَذَا الْقَدْرِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا تَلِفَ الصَّدَاقُ بِنَفْسِهِ. أَمَّا لَوْ أُتْلِفَ، فَيُنْظَرُ، إِنْ أَتْلَفَتْهُ الزَّوْجَةُ، صَارَتْ قَابِضَةً وَبَرِئَ الزَّوْجُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَيْعِ وَجْهًا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا أَتْلَفَ الْمَبِيعَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، لَمْ يَصِرْ قَابِضًا بَلْ يُغَرَّمُ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ، وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ. فَعَلَى قِيَاسِهِ، تُغَرَّمُ لَهُ الصَّدَاقَ وَتَأْخُذُ مَهْرَ الْمِثْلِ. وَإِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ، فَإِنْ قُلْنَا: إِتْلَافُ الْأَجْنَبِيِّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَالْحُكْمُ مَا سَبَقَ، وَإِنْ قُلْنَا: يُوجِبُ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ، فَلِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ، إِنْ شَاءَتْ فَسَخَتِ الصَّدَاقَ، وَحِينَئِذٍ تَأْخُذُ مِنَ الزَّوْجِ مَهْرَ الْمِثْلِ إِنْ قُلْنَا بِضَمَانِ الْعَقْدِ، وَمِثْلَ الصَّدَاقِ أَوْ قِيمَتَهُ إِنْ قُلْنَا بِضَمَانِ الْيَدِ، وَيَأْخُذُ الزَّوْجُ الْغُرْمَ مِنَ الْمُتْلِفِ. وَإِنْ أَجَازَتْ تَأْخُذُ مِنَ الْمُتْلِفِ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ، وَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ الزَّوْجَ بِالْغُرْمِ، فَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمُتْلَفِ إِنْ قُلْنَا بِضَمَانِ الْيَدِ. وَإِنْ قُلْنَا بِضَمَانِ الْعَقْدِ، فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ، هَكَذَا رَتَّبَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا، فَأَثْبَتُوا لَهَا الْخِيَارَ عَلَى قَوْلَيْ ضَمَانِ الْعَقْدِ وَالْيَدِ، ثُمَّ فَرَّعُوا عَلَيْهِمَا. وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّمَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ عَلَى قَوْلِ ضَمَانِ الْعَقْدِ. فَأَمَّا عَلَى ضَمَانِ الْيَدِ، فَلَا خِيَارَ، وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا طَلَبُ الْمِثْلِ أَوِ الْقِيمَةِ، كَمَا إِذَا أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمُسْتَعَارَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ. وَإِنْ أَتْلَفَهُ الزَّوْجُ، فَعَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ إِتْلَافَ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، أَوْ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ؟ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَقَدْ بَيَّنَّا حُكْمَ الصَّدَاقِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.

[الْمَسْأَلَةُ] الثَّالِثَةُ: حَدَثَ فِي الصَّدَاقِ نَقْصٌ فِي يَدِ الزَّوْجِ، فَهُوَ نَقْصُ جُزْءٍ أَوْ صِفَةٍ، فَنَقْصُ الْجُزْءِ مِثْلُ أَنْ أَصْدَقَهَا عَبْدَيْنِ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِهِ، فَيَنْفَسِخُ عَقْدُ الصَّدَاقِ فِيهِ، وَلَا يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي عَلَى الْمَذْهَبِ، لَكِنَّ لَهَا الْخِيَارَ. فَإِنْ فَسَخَتْ، رَجَعَتْ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى قَوْلِ ضَمَانِ الْعَقْدِ، وَعَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>