الْمِثْلِ. وَالثَّانِي: قِيمَتُهُ بِتَقْدِيرِ الرِّقِّ، وَيُنْسَبُ هَذَا إِلَى الْقَدِيمِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ: قَوْلَانِ فِيمَا إِذَا قَالَ: أَصْدَقْتُكِ هَذَا الْعَبْدَ وَهُوَ عَالِمٌ بِحُرِّيَّتِهِ، أَوْ جَاهِلٌ. أَمَّا لَوْ قَالَ: أَصْدَقْتُكِ هَذَا الْحُرَّ، فَالْعِبَارَةُ فَاسِدَةٌ، فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَطْعًا. وَحَكَى الْمُتَوَلِّي طَرِيقَةً أُخْرَى، أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: أَصْدَقْتُكِ هَذَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، فَلَا خَلَلَ فِي الْعِبَارَةِ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ. وَلَوْ ذَكَرَ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً، فَقِيلَ: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَطْعًا. وَقِيلَ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ. فَعَلَى هَذَا يَعُودُ النَّظَرُ فِي عِبَارَتِهِ، إِنْ قَالَ: أَصْدَقْتُكِ هَذَا الْخَمْرَ أَوِ الْخِنْزِيرَ، فَالْعِبَارَةُ فَاسِدَةٌ. وَإِنْ قَالَ: هَذَا الْعَصِيرَ أَوِ النَّعْجَةَ، فَهُوَ مَوْضِعُ الْقَوْلَيْنِ، وَعَلَى هَذَا عَلَى قَوْلِ الرُّجُوعِ إِلَى بَدَلِ الصَّدَاقِ، يُقَدَّرُ الْخَمْرُ عَصِيرًا وَيَجِبُ مِثْلُهُ، وَقَدْ حَكَيْنَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ، فِيمَا إِذَا جَرَى قَبْضُهُمْ فِي خَمْرٍ وَجْهًا أَنَّهَا تُقَدَّرُ خَلًّا، وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَاكَ تَقْدِيرَ الْعَصِيرِ، وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا. وَحَكَيْنَا وَجْهًا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْخَمْرِ عَنْ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً، فَلَا يَبْعُدُ مَجِيئُهُ هُنَا، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُرَجَّحَ كَمَا سَبَقَ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَالْخِنْزِيرُ يُقَدَّرُ بَقَرَةً، كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ. وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ فِي «كِتَابِ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ» وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: يُقَدَّرُ شَاةً، وَالْمَيْتَةُ تُقَدَّرُ مُذَكَّاةً، ثُمَّ الْوَاجِبُ فِيهَا وَفِي الْخِنْزِيرِ الْقِيمَةُ. هَذَا الِاضْطِرَابُ لِلْأَصْحَابِ يَزِيدُ الْقَوْلَ الْأَظْهَرَ الْقُوَّةَ، وَهُوَ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute