للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحُكْمُ الثَّانِي: تَسْلِيمُ الصَّدَاقِ. فَلَوْ أَخَّرَ تَسْلِيمَهُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَطَلَبَ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا، فَلَهَا الِامْتِنَاعُ [حَتَّى يُسَلِّمَ جَمِيعَ الصَّدَاقِ إِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا حَالًّا، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ، فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ] أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَصْحَابُهُ، وَالْبَغَوِيُّ، وَالْمُتَوَلِّي، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: لَهَا، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَاخْتَارَهُ الْحَنَّاطِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ; لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْآنَ الْمُطَالَبَةَ. وَلَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً، فَلِوَلِيِّهَا حَبْسُهَا حَتَّى تَقْبِضَ الصَّدَاقَ الْحَالَّ. فَلَوْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي التَّسْلِيمِ، فَلَهُ ذَلِكَ. وَلَوِ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ، فَقَالَ: لَا أُسَلِّمُ الصَّدَاقَ حَتَّى تُسَلِّمِي نَفْسَكِ، وَقَالَتْ: لَا أُسَلِّمُهَا حَتَّى تُسَلِّمَهُ، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.

أَظْهَرُهَا: يُجْبَرَانِ، بِأَنْ يُؤْمَرَ بِوَضْعِ الصَّدَاقِ عِنْدَ عَدْلٍ، وَتُؤْمَرَ بِالتَّمْكِينِ. فَإِذَا مَكَّنَتْ، سَلَّمَ الْعَدْلُ الصَّدَاقَ إِلَيْهَا. وَالثَّانِي: لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، بَلْ إِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا فَسَلَّمَ، أُجْبِرَ الْآخَرُ. وَالثَّالِثُ: يُجْبَرُ الزَّوْجُ أَوَّلًا، فَإِذَا سَلَّمَ، سَلَّمَتْ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ إِلَى إِنْكَارِ هَذَا الْقَوْلِ الثَّالِثِ. وَمَنْ أَثْبَتَهُ قَالَ: مَوْضِعُهُ مَا إِذَا كَانَتْ مُتَهَيِّئَةً لِلِاسْتِمْتَاعِ. أَمَّا إِذَا كَانَتْ مَمْنُوعَةً بِحَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ، فَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الصَّدَاقِ. وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تَصْلُحُ لِلْجِمَاعِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ؟ قَوْلَانِ. وَلَوْ سُلِّمَتْ مِثْلُ هَذِهِ الصَّغِيرَةِ إِلَى زَوْجِهَا، هَلْ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ؟ قَوْلَانِ كَالنَّفَقَةِ. أَظْهَرُهُمَا: الْمَنْعُ. وَقِيلَ بِالْمَنْعِ قَطْعًا ; لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَبْسِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَالْمَهْرُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ. وَقِيلَ بِالْإِيجَابِ قَطْعًا ; لِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ بُضْعٍ وَهُوَ مَمْلُوكٌ فِي الْحَالِ، وَالنَّفَقَةُ لِلتَّمْكِينِ وَهُوَ مَفْقُودٌ.

وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي مُطَالَبَةِ الْوَلِيِّ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا وَهِيَ كَبِيرَةً، فَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهَا طَلَبَ الْمَهْرِ كَالنَّفَقَةِ. وَإِذَا قُلْنَا: يُبْدَأُ بِالزَّوْجِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>