وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَظْهَرِ مِنْهُمَا، فَرَجَّحَ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» وَالْمُتَوَلِّي، الْوُجُوبَ. وَرَجَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، أَنَّهُ لَا يَجِبُ.
قُلْتُ: الرَّاجِحُ تَرْجِيحُ الْوُجُوبِ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا قِيلَ فِي إِسْنَادِهِ، وَقِيَاسًا عَلَى الدُّخُولِ، فَإِنَّ الْمَوْتَ مُقَرَّرٌ كَالدُّخُولِ، وَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ الْآخَرِ مَعَ صِحَّةِ الْحَدِيثِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ أَوْجَبْنَا، فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْعَقْدِ، أَمْ يَوْمِ الْمَوْتِ، أَمْ أَكْثَرِهِمَا؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْحَنَّاطِيُّ.
الثَّالِثَةُ: طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، إِنْ كَانَ فَرَضَ لَهَا، تَشْطُرُ الْمَفْرُوضَ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرْضَ لَهَا، فَلَا يُشْطَرُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ. وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَالْمُتَوَلِّي، خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْإِمَامُ: لَا يُعْتَدُّ بِهَذَا، وَلَا يَلْتَحِقُ بِالْوُجُوهِ الضَّعِيفَةِ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا قُلْنَا: لَا يَجِبُ الْمَهْرُ لِلْمُفَوِّضَةِ بِالْعَقْدِ، فَلَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِفَرْضِ مَهْرٍ قَبْلَ الْمَسِيسِ. وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ بِالْعَقْدِ، فَمَنْ قَالَ: يُشْطَرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ، قَالَ: لَيْسَ لَهَا طَلَبُ الْفَرْضِ، لَكِنْ لَهَا طَلَبُ الْمَهْرِ نَفْسِهِ، كَمَا لَوْ وَطِئَهَا وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، تُطَالِبُ بِهِ لَا بِالْفَرْضِ. وَمَنْ قَالَ: لَا يَتَشَطَّرُ. قَالَ: لَهَا طَلَبُ الْفَرْضِ لِيَتَقَرَّرَ الشَّطْرُ فَلَا يَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَلَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِلْفَرْضِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute