وَهَلْ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِتَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ؟ قَالَ الْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: نَعَمْ كَالْمُسَمَّى: وَحَكَى الْإِمَامُ عَنِ الْأَصْحَابِ الْمَنْعَ، وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ لِأَنَّهَا سَامَحَتْ بِالْمَهْرِ، فَكَيْفَ تُضَايِقُ فِي تَقْدِيمِهِ.
فَرْعٌ
الْفَرْضُ يُوجَدُ مِنَ الزَّوْجِ، أَوِ الْقَاضِي، أَوْ أَجْنَبِيٍّ.
الضَّرْبُ الْأَوَّلُ: إِذَا فَرَضَ الزَّوْجُ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ الْمَرْأَةُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْرِضْ وَفِيمَا عُلِّقَ عَنِ الْإِمَامِ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ مِنْهَا، بَلْ يَكْفِي طَلَبُهَا وَإِسْعَافُهُ، وَلْيَكُنْ هَذَا فِيمَا إِذَا طَلَبَتْ عَيْنًا أَوْ مُقَدَّرًا فَأَجَابَهَا، أَمَّا إِذَا أَطْلَقَتِ الطَّلَبَ، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ رَاضِيَةً بِمَا يُعَيِّنُهُ أَوْ يُقَدِّرُهُ. أَمَّا إِذَا تَرَاضَيَا عَلَى مَهْرٍ، فَيُنْظَرُ، إِنْ جَهِلَا قُدِّرَ مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا، فَفِي صِحَّةِ الْفَرْضِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: صِحَّتُهُ وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْإِمْلَاءِ» وَالْقَدِيمِ. وَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِهِ، صَحَّ مَا فَرَضَاهُ. وَيَجُوزُ إِثْبَاتُ الْأَجَلِ فِي الْمَفْرُوضِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ مِنْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: فَرَضَ الْقَاضِي وَذَلِكَ إِذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنَ الْفَرْضِ، أَوْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْمَفْرُوضِ، فَيَفْرِضُهُ، وَلَا يَفْرِضُ إِلَّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا. وَلَوْ رَضِيَتْ بِالْأَجَلِ، لَمْ يُؤَجِّلْ، بَلْ تُؤَخِّرُ هِيَ إِنْ شَاءَتْ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَنْقُصُ، كَمَا فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ. وَلَكِنَّ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ الْيَسِيرَ الَّذِي يَقَعُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ، لَا اعْتِبَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute