للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ، وَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ: وَإِذَا فَرَضَ، لَمْ يَتَوَقَّفْ لُزُومُهُ عَلَى رِضَاهُمَا ; لِأَنَّهُ حُكْمٌ مِنْهُ، وَحُكْمُ الْقَاضِي لَا يَفْتَقِرُ لُزُومُهُ إِلَى رِضَى الْخَصْمَيْنِ.

الضَّرْبُ الثَّالِثُ: فَرْضُ الْأَجْنَبِيِّ. فَإِذَا فَرَضَ أَجْنَبِيٌّ لِلْمُفَوِّضَةِ مَهْرًا يُعْطِيهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِرِضَاهَا، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِنْ صَحَّحْنَا، طَالَبَتِ الْأَجْنَبِيَّ بِالْمَفْرُوضِ، وَسَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ عَنِ الزَّوْجِ. وَعَلَى هَذَا، لَوْ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَنَصِفُ الْمَفْرُوضِ يَعُودُ إِلَى الزَّوْجِ أَمْ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِيمَا إِذَا تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِأَدَاءِ الْمُسَمَّى ثُمَّ طُلِّقَتْ قَبْلَ الْمَسِيسِ ذَكَرْنَاهُمَا فِيمَا لَوْ أَصْدَقَ عَنِ ابْنِهِ.

فَرْعٌ

أَبْرَأَتِ الْمُفَوِّضَةُ عَنِ الْمَهْرِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْمَسِيسِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ الْمَهْرُ بِالْعَقْدِ، صَحَّ الْإِبْرَاءُ إِنْ كَانَتْ تَعْلَمُ مَهْرَ الْمِثْلِ، فَإِنْ جَهِلَتْهُ، فَفِي صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ عَنِ الْمَجْهُولِ قَوْلَانِ سَبَقَا فِي «الضَّمَانِ» . أَظْهَرُهُمَا: الْمَنْعُ. فَإِنْ مَنَعْنَا، فَذَلِكَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ. وَفِيمَا اسْتَيْقَنَتْهُ وَجْهَانِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.

وَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ الْمَهْرُ بِالْعَقْدِ، فَهُوَ إِبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ، وَجَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ. وَفِي صِحَّتِهِ قَوْلَانِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي ضَمَانِهِ. أَظْهَرُهُمَا: فَسَادُهُ، فَحَصَلَ أَنَّ الْمَذْهَبَ فَسَادُ إِبْرَائِهَا.

وَلَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّ الْفَرْضِ، لَمْ يَسْقُطْ كَإِسْقَاطِ زَوْجَةِ الْمُوَلِّي، وَلَوْ أَبْرَأَتْ عَنِ الْمُتْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ، فَهُوَ إِبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ. وَإِنْ أَبْرَأَتْ بَعْدُ، فَإِبْرَاءٌ عَنْ مَجْهُولٍ.

وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، فَأَبْرَأَتْهُ عَنِ الْمُسَمَّى، فَهُوَ لَغْوٌ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ غَيْرُهُ. وَإِنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَهِيَ عَالِمَةٌ بِهِ، صَحَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>