الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ. فَلَوْ قَالَ: أَنَا أَصْبِرُ إِلَى انْفِكَاكِ الرَّهْنِ وَانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، نُظِرَ، إِنْ قَالَ: أَتَسَلَّمُهُ ثُمَّ أُسَلِّمُهُ إِلَى الْمُرْتَهِنِ أَوِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ. وَإِنْ قَالَ: لَا أَتَسَلَّمُهُ وَأَصْبِرُ، فَلَهَا الِامْتِنَاعُ، وَتَدْفَعُ إِلَيْهِ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَطَرِ الضَّمَانِ، هَذَا إِنْ قُلْنَا: الصَّدَاقُ فِي يَدِهَا مَضْمُونٌ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَإِنْ قُلْنَا: لَا ضَمَانَ أَوْ أَبْرَأَهَا عَنِ الضَّمَانِ وَصَحَّحْنَا الْإِبْرَاءَ، فَهَلْ عَلَيْهَا الْإِجَابَةُ، أَمْ لَا لِأَنَّهُ قَدْ يَبْدُو لَهُ فَيُطَالِبُهَا بِالْقِيمَةِ وَتَخْلُو يَدُهَا عَنْهَا؟ وَجْهَانِ، فَإِنْ لَمْ نُوجِبِ الْإِجَابَةَ وَلَمْ نُطَالِبْهَا حَتَّى انْفَكَّ الرَّهْنُ، وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، فَهَلْ يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِالْعَيْنِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، أَمْ تَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ ; لِأَنَّ الْمَانِعَ نَقَلَ حَقَّهُ إِلَيْهَا؟ وَجْهَانِ. وَتَزْوِيجُ جَارِيَةِ الصَّدَاقِ كَالْإِجَارَةِ. وَلَوْ زَالَ مِلْكُهَا وَعَادَ ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَهَلْ يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِالْعَيْنِ أَمْ بِالْقِيمَةِ؟ وَجْهَانِ سَبَقَتْ نَظَائِرُهُمَا فِي الْفَلَسِ وَالْهِبَةِ. أَصَحُّهُمَا هُنَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ ; لِأَنَّ حَقَّهُ يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَلِ، فَالْعَيْنُ الْعَائِدَةُ أَوْلَى مِنَ الْبَدَلِ، هَذَا إِذَا زَالَ الْمِلْكُ بِجِهَةٍ لَازِمَةٍ، فَإِنْ زَالَ بِغَيْرٍ لَا زِمٍ، بِأَنْ بَاعَ بِالْخِيَارِ، وَقُلْنَا: يَزُولُ الْمِلْكُ وَفُسِخَ الْبَيْعُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَالْخِلَافُ مُرَتَّبٌ فِي التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ، وَأَوْلَى بِالثُّبُوتِ.
وَلَوْ كَاتَبَتْ عِنْدَ الصَّدَاقِ وَعَجَزَ نَفْسُهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ إِجْرَاؤُهُ مَجْرَى الزَّوَالِ اللَّازِمِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: هَذَا أَوْلَى بِالثُّبُوتِ ; لِأَنَّ الْمَكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ عُرُوضَ الرَّهْنِ وَزَوَالَهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ لَا يُؤَثِّرُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَصْدَقَهَا عَبْدًا فَدَبَّرَتْهُ، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي «الْأُمِّ» أَيْضًا سِوَى جَعْلِ التَّدْبِيرِ وَصِيَّةَ الْأُمِّ تَعْلِيقًا بِصِفَةٍ ; لِأَنَّ التَّدْبِيرَ قُرْبَةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا غَرَضٌ لَا يَتَقَاعَدُ عَنِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ الَّتِي لَا تُؤَثِّرُ فِي الْقِيمَةِ. وَقِيلَ: فِي الرُّجُوعِ قَوْلَانِ، إِنْ قُلْنَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute