التَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ، رَجَعَ، وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: يَرْجِعُ قَطْعًا، وَهُوَ ضَعِيفٌ. ثُمَّ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَغَيْرُهُ: الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا كَانَتْ مُوسِرَةً تَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ، رَجَعَ إِلَى نِصْفِ الْعَبْدِ قَطْعًا. وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْخِلَافِ فُرُوعٌ.
[الْفَرْعُ] الْأَوَّلُ: إِنْ قُلْنَا بِالرُّجُوعِ، فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَقِلُّ بِهِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقَدُّمِ رُجُوعِ الْمَرْأَةِ. وَقَالَ الْحَنَّاطِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى الرُّجُوعِ وَإِعْطَاءِ الزَّوْجِ النِّصْفَ. فَإِنِ امْتَنَعَتْ، قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهَا فَفَسَخَهُ.
الثَّانِي: لَوْ رَجَعَتْ عَنِ التَّدْبِيرِ بِالْقَوْلِ وَجَوَّزْنَاهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَقُلْنَا: التَّدْبِيرُ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِتَمَكُّنِهِ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى نِصْفِهِ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَمَا لَوْ دَبَّرَتْهُ ثُمَّ بَاعَتْهُ ثُمَّ مَلَكَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَيَعُودُ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي عَوْدِ الْمِلْكِ بَعْدَ زَوَالِهِ.
أَصَحُّهُمَا: التَّمَكُّنُ، وَمَعَ هَذَا التَّمَكُّنِ لَوْ تَرَكَهُ وَطَلَبَ نِصْفَ الْقِيمَةِ، أُجِيبَ إِلَيْهَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يَقْضِيَ قَاضٍ بِبُطْلَانِ الرُّجُوعِ وَالْبَيْعِ. وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مُدَبَّرٌ، وَقُلْنَا: حَقُّ الزَّوْجِ فِي الْقِيمَةِ، فَرَجَعَتْ عَنِ التَّدْبِيرِ بِاللَّفْظِ وَجَوَّزْنَاهُ، أَوْ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، فَفِي الرُّجُوعِ إِلَى نِصْفِ الْعَبْدِ وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَهَا كَالصَّدَاقِ نَاقِصٌ، ثُمَّ زَالَ نَقْصُهُ قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَفِيمَا إِذَا طَلَّقَهَا وَمِلْكُهَا زَائِلٌ عَنِ الصَّدَاقِ، ثُمَّ عَادَ قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ.
الثَّالِثُ: لَوْ عَلَّقَتْ عِتْقَ الْعَبْدِ عَلَى صِفَةٍ، فَهَلْ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ؟ قِيلَ: إِنْ قُلْنَا: التَّدْبِيرُ يَمْنَعُ، فَالتَّعْلِيقُ أَوْلَى، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ لِقُوَّةِ التَّعْلِيقِ. وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يَمْنَعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute