التَّدْبِيرُ، فَالتَّعْلِيقُ أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ; لِأَنَّ التَّدْبِيرَ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ، وَالتَّعْلِيقُ يُرَادُ بِهِ مَنْعٌ أَوْ حَثٌّ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَبِالْأَوَّلِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ وَقَالَ: الْمَذْهَبُ مَنْعُ الرُّجُوعِ. وَلَوْ أَوْصَتْ لِلْعَبْدِ بِعِتْقِهِ، فَهَلْ هُوَ كَالتَّدْبِيرِ فِي مَنْعِ الرُّجُوعِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا.
الرَّابِعُ: إِذَا جَوَّزْنَا لِلزَّوْجِ الرُّجُوعَ فِي النِّصْفِ، فَرَجَعَ، بَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ مُدَبَّرًا عَلَى الصَّحِيحِ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا، أَنَّهُ يَنْتَقِضُ التَّدْبِيرُ فِي جَمِيعِهِ.
الْخَامِسُ: إِذَا قُلْنَا: التَّدْبِيرُ يَمْنَعُ التَّشَطُّرَ، فَهَلْ يَمْنَعُ رُجُوعَ الْبَائِعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ دَبَّرَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بِالثَّوْبِ عَيْبًا؟ وَكَذَا هَلْ يَمْنَعُ رُجُوعَ الْوَاهِبِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا بَلْ يَرْجِعُ وَيَنْقَضُّ التَّدْبِيرُ لِقُوَّةِ الْفَسْخِ، وَلِهَذَا الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ تَمْنَعُ التَّشَطُّرَ دُونَ الْفَسْخِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: سَبَقَ فِي «كِتَابِ الْحَجِّ» خِلَافٌ فِي أَنَّ الْمُحْرِمَ هَلْ يَمْلِكُ الصَّيْدَ بِالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ؟ وَهَلْ يَزُولُ مِلْكُهُ إِذَا أَحْرَمَ عَنْ صَيْدِهِ؟ وَهَلْ يَمْلِكُهُ بِالْإِرْثِ؟ فَلَوْ أَصْدَقَهَا صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ، ثُمَّ ارْتَدَّتْ، عَادَ الصَّيْدُ إِلَى مِلْكِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِيهِ الْوَجْهُ الضَّعِيفُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِرْثِ ; لِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ. وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ النِّصْفَ يَعُودُ إِلَيْهِ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ أَمْ بِاخْتِيَارِهِ؟ إِنْ قُلْنَا: بِاخْتِيَارِهِ فَلَيْسَ لَهُ الِاخْتِيَارُ مَا دَامَ مُحْرِمًا، فَإِنْ فَعَلَ، كَانَ كَشِرَائِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: بِنَفْسِ الطَّلَاقِ، فَفِي عَوْدِ النِّصْفِ إِلَيْهِ فِي الْإِحْرَامِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا. وَيَنْتَقِلُ إِلَى الْقِيمَةِ ; لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَمْلِكُ الصَّيْدَ بِاخْتِيَارِهِ، وَالطَّلَاقُ بِاخْتِيَارِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْعَوْدُ ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَنْشَأُ لِاجْتِلَابِ الْمِلْكِ، فَأَشْبَهَ الْإِرْثَ، ثُمَّ إِذَا عَادَ إِلَيْهِ الْكُلُّ بِالرِّدَّةِ، لَزِمَهُ إِرْسَالُهُ ; لِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ إِمْسَاكِ الصَّيْدِ، كَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ وَجْهٌ ذَكَرْنَاهُ فِي «الْحَجِّ» ، تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ يَرِثُ الصَّيْدَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute