الْغَزَالِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا وَيُنْسَبُ إِلَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ: يَثْبُتُ لَهَا الْمَهْرُ إِذَا حَلَفَتْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا، فَإِنَّ النِّكَاحَ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ إِذَا لَمْ تَكُنْ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْغَزَالِيِّ: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ مَهْرُ مِثْلِهَا بِيَمِينِهَا، بَلْ يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْكِحُهَا بِأَقَلِّ مَا يُتَمَوَّلُ، وَهَذَا الَّذِي فَرَضَهُ لَا يَكَادُ يُتَصَوَّرُ، فَإِنَّ التَّحَالُفَ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى إِثْبَاتِ مَا يَزْعُمُهُ، وَنَفْيِ مَا زَعَمَهُ صَاحِبُهُ.
وَالْمَفْرُوضُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ إِنْكَارٌ مُطْلَقٌ، فَلَا مَعْنَى لِلتَّحَالُفِ. وَلَمْ يَذْكُرِ الرُّويَانِيُّ الْخِلَافَ هَكَذَا، بَلْ قَالَ: قَالَ مَشَايِخُ طَبَرِسْتَانَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ إِنْكَارُهُ لِاعْتِرَافِهِ بِمَا يَقْتَضِي الْمَهْرَ، وَلَكِنْ يُكَلَّفُ الْبَيَانَ.
فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَادَّعَتْ زِيَادَةً، تَحَالَفَا. وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْإِنْكَارِ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَيْهَا وَقُضِيَ لَهَا بِهَا. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَرَأَيْتُ جَمَاعَةً مِنَ الْمُحَقِّقِينَ بِخُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ يُفْتُونَ بِهَذَا، وَهُوَ الْقَدِيمُ.
وَلَوِ ادَّعَتْ زَوْجِيَّةً وَمَهْرًا مُسَمًّى يُسَاوِي مَهْرَ الْمِثْلِ، وَقَالَ الزَّوْجُ: لَا أَدْرِي، أَوْ سَكَتَ، قَالَ الْإِمَامُ: ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا لِمَا سَبَقَ أَنَّ النِّكَاحَ اقْتَضَى مَهْرَ الْمِثْلِ.
قَالَ: وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، أَنَّ دَعْوَاهَا مُتَوَجِّهَةٌ بِذَلِكَ الْقَدْرِ، وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ التَّرَدُّدُ، بَلْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ مَا تَدَّعِيهِ. فَإِنْ نَكَلَ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَيْهَا وَقُضِيَ بِيَمِينِهَا.
ثُمَّ حُكِيَ عَنِ الْقَاضِي عَلَى قِيَاسِ الْوَجْهِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ: هَذَا ابْنِي مِنْ فُلَانَةَ، اسْتَحَقَّتْ عَلَيْهِ مَهْرَ الْمِثْلِ إِذَا حَلَفَتْ؛ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ بِالْوَطْءِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَاءِ بَعِيدٌ، وَالْوَطْءَ الْمُحَرَّمَ [هُوَ] الَّذِي يَحْصُلُ مِنْهُ الْوَلَدُ النَّسِيبُ ظَاهِرًا، وَهُوَ يَقْتَضِي الْمَهْرَ.
وَقِيَاسُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ إِذَا أَنْكَرَ مَا ادَّعَتْهُ. فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْإِنْكَارِ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute