فَرْعٌ
قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَادَّعَتْ عَلَى الْوَارِثِ أَنَّ الزَّوْجَ سَمَّى لَهَا أَلْفًا، فَقَالَ الْوَارِثُ: لَا أَعْلَمُ كَمْ سَمَّى، لَمْ يَتَحَالَفَا، بَلْ يَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. فَإِذَا حَلَفَ، قُضِيَ لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ مُشْكِلٌ عَلَى قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ أَنْ يُحْكَمَ بِانْقِطَاعِ الْخُصُومَةِ، يَحْلِفُ الْوَارِثُ، وَالْقَدْرُ الثَّابِتُ عَلَى قَطْعٍ هُوَ أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ، وَالْمُخْتَارُ بَلِ الصَّوَابُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ قَبْلَهُمَا الْقَفَّالُ شَيْخُ طَرِيقَةِ خُرَاسَانَ، وَقَدْ حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ «الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ» ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا، وَلَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَصْحَابِ خِلَافًا، وَدَلِيلُهُ أَنَّ تَعَذُّرَ مُعَرَّفَةِ الْمُسَمَّى، كَعَدَمِهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَلِهَذَا نُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي التَّحَالُفِ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى زَائِدٌ أَوْ نَاقِصٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْخَامِسَةُ: اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرَةِ أَوِ الْمَجْنُونَةِ، فَقَالَ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُكَهَا بِأَلْفَيْنِ، فَقَالَ: بَلْ بِأَلْفٍ. فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ: يَتَحَالَفَانِ.
وَالثَّانِي: لَا، فَعَلَى هَذَا تُوقَفُ إِلَى بُلُوغِهَا فَيَتَحَالَفَانِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ الزَّوْجُ، وَيُوقَفَ يَمِينُهَا إِلَى بُلُوغِهَا.
وَإِذْ قُلْنَا: يَحْلِفُ الْوَلِيُّ، فَذَلِكَ إِذَا ادَّعَى زِيَادَةً عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالزَّوْجُ مُعْتَرِفٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَأَمَّا إِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ نِكَاحَهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَلَا تَحَالُفَ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ نَقَصَ الْوَلِيُّ.
وَلَوْ ذَكَرَ الزَّوْجُ قَدْرًا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَادَّعَى الْوَلِيُّ زِيَادَةً عَلَيْهِ، لَمْ يَتَحَالَفَا كَيْلَا يَرْجِعَ الْوَاجِبُ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، بَلْ يَأْخُذُ الْوَلِيُّ مَا يَقُولُهُ الزَّوْجُ.
وَلَوِ ادَّعَى الْوَلِيُّ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute