للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنَّهُ لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَاسْمُهَا فَاطِمَةُ: طَلِّقْنِي، فَقَالَ: طَلَّقْتُ فَاطِمَةَ، ثُمَّ قَالَ: نَوَيْتُ فَاطِمَةَ أُخْرَى، طُلِّقَتْ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِدَلَالَةِ الْحَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً: طُلِّقَتْ فَاطِمَةُ، ثُمَّ قَالَ: نَوَيْتُ أُخْرَى. وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا سَبَقَ، أَنَّ السُّؤَالَ لَا يُلْحِقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ، لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ نَوَى، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لِلْمَرْأَةِ ذِكْرٌ وَلَا دَلَالَةٌ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: امْرَأَتِي وَنَوَى الطَّلَاقَ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِوَلِيِّ امْرَأَتِهِ: زَوِّجْهَا، كَانَ إِقْرَارًا بِالْفِرَاقِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: انْكَحِي، لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا، لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ أَنْ تَنْكِحَ، وَلَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) .

قُلْتُ: الصَّوَابُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ إِذَا خَاطَبَهَا بِهِ، بِخِلَافِ الْوَلِيِّ، لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِمَّا نُقِلَ مِنْ مُعَلَّقَاتِ الْقَاضِي شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ، مَا حَكَاهُ عَنْ جَدِّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَحْلَلْتُكِ وَنَوَى طَلَاقَهَا، هَلْ هُوَ كِنَايَةٌ؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ بَائِنٌ وَطَالِقٌ، يُرْجَعُ إِلَى نِيَّتِهِ فِي «بَائِنٍ» ، وَلَا يُجْعَلُ قَوْلُهُ: «وَطَالِقٌ» تَفْسِيرًا لَهُ.

وَأَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ كِنَايَةً، كَقَوْلِهِ: اعْتَدِّي اعْتَدِّي اعْتَدِّي، وَنَوَى الطَّلَاقَ، فَإِنْ نَوَى التَّأْكِيدَ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ، فَثَلَاثٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، فَقَوْلَانِ. وَلَوْ كَانَتِ الْأَلْفَاظُ مُخْتَلِفَةً، وَنَوَى بِهَا الطَّلَاقَ، وَقَعَ بِكُلِّ لَفْظَةٍ طَلْقَةٌ.

وَإِنَّ الْقَفَّالَ قَطَعَ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: طُلِّقَتْ، وَنَوَى امْرَأَتَهُ، لَمْ تُطَلَّقْ لِعَدَمِ الْإِشَارَةِ وَالِاسْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>