وَلَوْ قِيلَ لَهُ: مَا تَصْنَعُ بِهَذِهِ الزَّوْجَةِ؟ طَلِّقْهَا، فَقَالَ: طَلَّقْتُ، أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَكِ، فَقَالَتْ: طَلَّقْتُ، وَقَعَ الطَّلَاقُ، لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ وَالتَّفْوِيضِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ بِطَلْقَةٍ، وَنَوَى، لَمْ تُطَلَّقْ. وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ، إِحْدَاهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَالْأُخْرَى فَاطِمَةُ بِنْتُ رَجُلٍ سَمَّاهُ أَبَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدًا، إِلَّا أَنَّهُ اشْتُهِرَ فِي النَّاسِ بِزَيْدٍ، وَبِهِ يَدْعُونَهُ، فَقَالَ الزَّوْجُ: زَوْجَتِي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْتُ بِنْتَ الَّذِي يَدْعُونَهُ زَيْدًا، قَالَ جَدِّي: يُقْبَلُ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِتَسْمِيَةِ أَبَوَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ لِلرَّجُلِ اسْمَانِ، وَأَكْثَرُ، وَقِيلَ: الِاعْتِبَارُ بِالِاسْمِ الْمَشْهُورِ فِي النَّاسِ، لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: امْرَأَتِي هَذِهِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ لَا تَحِلُّ لِي أَبَدًا، قَالَ جَدِّي: لَا تُطَلَّقُ، لِأَنَّ التَّحْرِيمَ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ، وَقَدْ يُظَنُّ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ بِالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ، وَقِيلَ: يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْبَيْنُونَةِ لِمُقْتَضَى هَذَا اللَّفْظِ، وَأَنَّهُ لَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ اسْمُهُ زَيْدٌ: يَا زَيْدُ، فَقَالَ: امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ، قَالَ جَدِّي: تُطَلَّقُ امْرَأَتُهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا تُطَلَّقُ حَتَّى يُرِيدَ نَفْسَهُ لِجَوَازِ إِرَادَةِ زَيْدٍ آخَرَ. وَلْيَجِئْ هَذَا الْوَجْهُ، فِيمَا إِذَا قَالَ: فَاطِمَةُ طَالِقٌ وَاسْمُ زَوْجَتِهِ فَاطِمَةُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَصَحَّ لِيَكُونَ قَاصِدًا تَطْلِيقَ زَوْجَتِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ قِيلَ: طُلِّقَتِ امْرَأَتُكَ، فَقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا تَقُولُهُ، فَهَلْ يَكُونُ هَذَا إِقْرَارًا بِالطَّلَاقِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا جَدِّي، أَصَحُّهُمَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعْلَمَ، وَلَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْعِلْمُ، وَأَنَّهَا لَوِ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَأَنْكَرَ، ثُمَّ قَالَ لِفَقِيهٍ: اكْتُبْ لَهَا ثَلَاثًا، قَالَ جَدِّي: يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ كِنَايَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: امْرَأَتِي الَّتِي فِي هَذِهِ الدَّارِ طَالِقٌ، وَلَمْ تَكُنِ امْرَأَتُهُ فِيهَا، لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَدَدْتُ عَلَيْكِ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثَ، وَنَوَى، وَقَعَ الثَّلَاثُ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَعَنَى نَفْسَهُ، قَالَ جَدِّي: يُحْتَمَلُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute