للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَنْجِيزِ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ بَلْ يَكْفِي التَّوَعُّدُ. وَفِيمَا يَكُونُ التَّخْوِيفُ بِهِ إِكْرَاهًا، سَبْعَةُ أَوْجُهٍ.

أَحَدُهَا: الْقَتْلُ فَقَطْ. حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ وَالْإِمَامُ.

وَالثَّانِي: الْقَتْلُ، أَوْ قَطْعُ طَرَفٍ، أَوْ ضَرْبٌ يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ.

وَالثَّالِثُ: قَالَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَثِيرُونَ: أَنَّهُ يُلْحَقُ بِمَا سَبَقَ أَيْضًا الضَّرْبُ الشَّدِيدُ، وَالْحَبْسُ، وَأَخْذُ الْمَالِ، وَإِتْلَافُهُ، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ فِي «الْإِفْصَاحِ» وَزَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَوْ تَوَعَّدَهُ بِنَوْعِ اسْتِخْفَافٍ، وَكَانَ الرَّجُلُ وَجِيهًا يَغُضُّ ذَلِكَ مِنْهُ، فَهُوَ إِكْرَاهٌ. قَالَ هَؤُلَاءِ: فَالضَّرْبُ وَالْحَبْسُ وَالِاسْتِخْفَافُ، يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ. وَالتَّخْوِيفُ بِالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ وَأَخْذِ الْمَالِ، لَا يَخْتَلِفُ. وَقَالَ الْمَاسَرْجِسِيُّ: يَخْتَلِفُ بِأَخْذِ الْمَالِ، فَلَا يَكُونُ تَخْوِيفُ الْمُوسِرِ بِأَخْذِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْهُ إِكْرَاهًا، قَالَ الرُّويَانِيُّ: هَذَا هُوَ الِاخْتِيَارُ، فَهَذِهِ الْأَوْجُهُ هِيَ الْمَوْجُودَةُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ. وَأَصَحُّهَا: الثَّالِثُ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا إِذَا خَوَّفَهُ بِمَا يَسْلُبُ الِاخْتِيَارَ، وَيَجْعَلُهُ كَالْهَارِبِ مِنَ الْأَسَدِ الَّذِي يَتَخَطَّى النَّارَ وَالشَّوْكَ، وَلَا يُبَالِي، فَعَلَى هَذَا الْحَبْسُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ. وَكَذَا التَّخْوِيفُ بِالْإِيلَامِ الشَّدِيدِ. قَالَ الْإِمَامُ: لَكِنْ لَوْ فُوتِحَ بِهِ، احْتُمِلَ جَعْلُهُ إِكْرَاهًا.

وَالْخَامِسُ: لَا يُشْتَرَطُ سُقُوطُ الِاخْتِيَارِ، بَلْ إِذَا أَكْرَهَهُ عَلَى فِعْلٍ يُؤْثِرُ الْعَاقِلُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ حَذَرًا مِمَّا تَهَدَّدَهُ بِهِ، حَصَلَ الْإِكْرَاهُ. فَعَلَى هَذَا، يُنْظَرُ فِيمَا طَلَبَهُ مِنْهُ وَمَا هَدَّدَهُ بِهِ، فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ إِكْرَاهًا فِي مَطْلُوبٍ دُونَ مَطْلُوبٍ، وَفِي شَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ. فَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الطَّلَاقِ، حَصَلَ بِالْقَطْعِ وَبِالتَّخْوِيفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>