وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ وَالْبَيَانُ. وَلَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
فَرْعٌ
قَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا، فَعَبْدِي حُرٌّ، وَقَالَ آخَرُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا، فَعَبْدِي حُرٌّ، وَأَشْكَلَ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِي عَبْدِهِ، فَإِنْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخِرِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ الْعَبْدَانِ، مُنِعَ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا وَيُؤْمَرُ بِتَعْيِينِ الْعِتْقِ فِي أَحَدِهِمَا، كَمَا لَوْ كَانَا فِي مِلْكِهِ وَعَلَّقَ التَّعْلِيقَيْنِ، وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ طَرِيقِ الْبَيَانِ، وَفِي وَجْهٍ: إِنَّمَا يَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِي الَّذِي اشْتَرَاهُ، فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ حَتَّى يَحْصُلَ الْبَيَانُ، وَلَا يَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِي الْأَوَّلِ.
قُلْتُ: هَذَانِ الْوَجْهَانِ نَقَلَهُمَا الْإِمَامُ وَآخَرُونَ، وَرَجَّحُوا الْأَوَّلَ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي، لَكِنْ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ، أَوْ جَمَاهِيرُهُمْ، بِأَنَّ الْعِتْقَ يَتَعَيَّنُ فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى، وَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِ إِذَا تَمَّ تَمَلُّكُهُ ظَاهِرًا، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَفْقَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا عَبَدَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدَ صَاحِبِهِ، قَالَ فِي «الْبَسِيطِ» : لَمْ أَرَهُ مَسْطُورًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، لِأَنَّ بَيْعَ الْأَوَّلِ لِوَاقِعَةٍ انْقَضَتْ، وَتَصَرُّفَهُ فِي الثَّانِي وَاقِعَةٌ أُخْرَى، كَمَا لَوْ صَلَّى إِلَى جِهَتَيْنِ بِاجْتِهَادَيْنِ.
قُلْتُ: أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ الَّتِي نَقَلْتُهَا، فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ الثَّانِيَ بِلَا شَكٍّ، وَأَمَّا عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى، فَيُحْتَمَلُ مَا قَالَهُ فِي «الْبَسِيطِ» ، وَيُحْتَمَلُ بَقَاءُ الْحَجْرِ فِي الثَّانِي حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْخِلَافِ فِيمَا إِذَا اشْتَبَهَ إِنَاءَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute