للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَانْصَبَّ أَحَدُهُمَا، هَلْ يَجْتَهِدُ فِي الثَّانِي، أَمْ يَأْخُذُ بِطَهَارَتِهِ، أَمْ يُعْرِضُ عَنْهُ، وَالْأَقْيَسُ بَقَاءُ الْحَجْرِ احْتِيَاطًا لِلْعِتْقِ، وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ وَغَرَامَاتِهَا أَشَدُّ مِنَ الْقِبْلَةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَلِهَذَا لَا يُعْذَرُ النَّاسِي وَالْجَاهِلُ فِي الْغَرَامَاتِ، وَيُعْذَرُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ أَنَّ إِقْدَامَهُ عَلَى بَيْعِ عَبْدِهِ كَالْمُصَرِّحِ بِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ، وَأَنَّ الَّذِي عَتَقَ هُوَ عَبْدُ الْآخِرِ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ، عَتَقَ عَلَيْهِ عَبْدَ صَاحِبِهِ إِذَا مَلَكَهُ قَطْعًا، وَقَدْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْوَسِيطِ» : احْتِمَالَيْنِ، أَحَدُهُمَا: مَا ذَكَرَهُ فِي «الْبَسِيطِ» . وَالثَّانِي: خِلَافُهُ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قُلْتُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ غَيْرُ التَّعْلِيقِ السَّابِقِ، فَإِنْ قَالَ لِلْآخَرِ: حَنِثْتَ فِي يَمِينِكَ، فَقَالَ: لَمْ أَحْنَثْ، ثُمَّ مَلَكَ عَبْدَهُ، حُكِمَ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ قَطْعًا لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالثَّمَنِ إِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ. وَلَوْ صَدَرَ هَذَانِ التَّعْلِيقَانِ مِنْ شَرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ، فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي «كِتَابِ الْعِتْقِ» .

فَرْعٌ

قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بِعَدَدِ كُلِّ شَعْرَةٍ عَلَى جَسَدِ إِبْلِيسَ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ: قِيَاسُ مَذْهَبِنَا: أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَصْلًا، لِأَنَّا لَا نَدْرِي أَعَلَيْهِ شَعْرٌ أَمْ لَا؟ وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ، وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ.

قُلْتُ: الْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ، وَلَيْسَ هَذَا تَعْلِيقًا عَلَى صِفَةٍ، فَيُقَالُ: شَكَكْنَا فِيهَا بَلْ هُوَ تَنْجِيزُ طَلَاقٍ، وَرَبْطٌ لِعَدَدِهِ بِشَيْءٍ شَكَكْنَا فِيهِ، فَنُوقِعُ أَصْلَ الطَّلَاقِ، وَنُلْغِي الْعَدَدَ، فَإِنَّ الْوَاحِدَةَ لَيْسَتْ بِعَدَدٍ، لِأَنَّ أَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ، فَالْمُخْتَارُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>