وَلَوْ قَالَ: إِنْ لَبِسْتِ قَمِيصَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَلَبِسَتْهُمَا مُتَوَالِيَيْنِ، طُلِّقَتْ عَلَى قِيَاسِ الْمَذْهَبِ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنِ اغْتَسَلْتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَاغْتَسَلَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ جَنَابَةٍ، وَقَالَ: قَصَدْتُ بِيَمِينِي غُسْلَ الْجَنَابَةِ، فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُدَيَّنُ وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا، وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فِي جُنْحِ اللَّيْلِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا يَوْمًا، وَلَا نِيَّةَ لَهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُكَلِّمَهُ فِي بَقِيَّةِ اللَّيْلِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ عَشْرًا، فَهُوَ مُجْمَلٌ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهَا تُطَلَّقُ وَاحِدَةً إِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، صُدِّقَ، فَإِنِ اتُّهِمَ، حَلَفَ، وَإِنْ أَرَادَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ، وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَلُغَتِ الزِّيَادَةُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ خَرَجْتِ مِنَ الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلِلدَّارِ بُسْتَانٌ بَابُهُ مَفْتُوحٌ إِلَيْهَا، فَخَرَجَتْ إِلَى الْبُسْتَانِ، فَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُعَدُّ مِنْ جُمْلَةِ الدَّارِ وَمَرَافِقِهَا لَا تُطَلَّقُ، وَإِلَّا فَتُطَلَّقُ.
وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَبَوَيْهِ: إِنْ تَزَوَّجْتُ مَا دُمْتُمَا حَيَّيْنِ، فَامْرَأَتِي هَذِهِ طَالِقٌ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَتَزَوَّجَ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ طَلَاقُهُ. وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَطْعَنُهُ بِنَصْلِ هَذَا الرُّمْحِ أَوِ السَّهْمِ، فَنَزَعَ النَّصْلَ، وَجَعَلَهُ فِي رُمْحٍ آخَرَ وَطَعَنَهُ بِهِ، حَنِثَ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ شَتَمْتِنِي وَلَعَنْتِنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَلَعَنَتْهُ، لَمْ تُطَلَّقْ، لِأَنَّهُ عُلِّقَ عَلَى الْأَمْرَيْنِ. وَأَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ إِلَى قَرْيَةٍ لِلضِّيَافَةِ، فَقَالَ: إِنْ مَكَثْتِ هُنَاكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ مِنْ تِلْكَ الْقَرْيَةِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَوْ قَبْلَ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُطَلَّقَ.
وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ نِصْفَ اللَّيْلِ، إِنْ بِتُّ مَعَ فُلَانٍ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَبَاتَ مَعَهُ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ، طُلِّقَتْ عَلَى مُقْتَضَى الْقِيَاسِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَبِيتَ جَمِيعَ اللَّيْلِ وَلَا أَكْثَرَهُ.
قُلْتُ: الْمُخْتَارُ، أَنَّ الْمَبِيتَ يُحْمَلُ مُطْلَقُهُ عَلَى أَكْثَرِ اللَّيْلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ كَمَا سَبَقَ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى، لَكِنَّ الظَّاهِرَ الْحِنْثُ هُنَا لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute