وَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا يَعْرِفُ فُلَانًا، وَقَدْ عَرَفَهُ بِوَجْهِهِ، وَطَالَتْ صُحْبَتُهُ لَهُ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ اسْمَهُ، حَنِثَ عَلَى قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَالَ سَعْدٌ الِاسْتِرَابَادِيُّ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: آخِرُ امْرَأَةٍ أُرَاجِعُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَرَاجَعَ حَفْصَةَ ثُمَّ عَمْرَةَ، ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا، فَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّ حَفْصَةَ تُطَلَّقُ لِأَنَّهَا صَارَتْ آخِرًا بَعْدَمَا كَانَتْ أَوَّلًا. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ نِمْتُ عَلَى ثَوْبٍ لَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى مِرْفَقَةٍ لَهَا، لَا تُطَلَّقُ، كَمَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ.
وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ، فَنَثَرَ مَأْكُولًا فَالْتَقَطَهُ وَأَكَلَهُ، حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ تَنَاهَدَا فَأَكَلَ مِنْ طَعَامِهِ.
قُلْتُ: الصُّورَتَانِ مُشْكِلَتَانِ، وَالْمُخْتَارُ فِي مَسْأَلَةِ النِّثَارِ، بِنَاؤُهُ عَلَى الْخِلَافِ، فِي أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الْآخِذُ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إِنَّهُ يَمْلِكُهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِلَّا فَيَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي الضَّيْفِ وَنَحْوِهِ، أَنَّهُ هَلْ يَمْلِكُ الطَّعَامَ الْمُقَدَّمَ إِلَيْهِ وَمَتَى يَمْلِكُهُ؟ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُنَاهَدَةِ وَهِيَ خَلْطُ الْمُسَافِرِينَ نَفَقَتَهُمْ وَاشْتِرَاكُهُمْ فِي الْأَكْلِ مِنَ الْمُخْتَلَطِ، فَفِيهَا نَظَرٌ، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةُ، وَإِلَّا فَيَخْرُجُ عَلَى مَسْأَلَةِ الضَّيْفِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ دَارَ فُلَانٍ مَا دَامَ فِيهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَتَحَوَّلَ فُلَانٌ مِنْهَا ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا، فَدَخَلَتْهَا، لَا تُطَلَّقُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ قَتَلْتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَضَرَبَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَمَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الضَّرْبِ، لَمْ تُطَلَّقْ، لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُفَوِّتُ لِلرُّوحِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ أَغْضَبْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَضَرَبَ ابْنَهَا، طُلِّقَتْ وَإِنْ كَانَ ضَرْبَ تَأْدِيبٍ. وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَصُومُنَّ [زَمَانًا، أَنَّهُ يَحْنَثُ بِصَوْمِ بَعْضِ يَوْمٍ إِنْ قُلْنَا: إِنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَصُومُنَّ، أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَصُومُنَّ] أَزْمِنَةً، بَرَّ بِصَوْمِ يَوْمٍ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَزْمِنَةٍ. وَلَوْ حَلَفَ لَيَصُومُنَّ الْأَيَّامَ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَيَّامِ الْعُمُرِ، أَوْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَهُوَ الْأَوْلَى. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُعَذِّبُ الْمَوْجُودِينَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute