أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الِانْتِقَالُ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الْحَيْضِ، فَإِذَا صَادَفَ الطَّلَاقُ آخِرَ جُزْءٍ مِنَ الطُّهْرِ، حُسِبَ ذَلِكَ قُرْءًا، وَيَظْهَرُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا عُلِّقَ الطَّلَاقُ بِآخَرَ. وَفِي قَوْلٍ: لَا يُحْكَمُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِمُجَرَّدِ الطَّعْنِ فِي الدَّمِ آخِرًا، بَلْ يُشْتَرَطُ مُضِيُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ هَلِ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ عَلَى هَذَا، أَوِ اللَّحْظَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ نَفْسِ الْعِدَّةِ، أَمْ لَيْسَ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ لِاسْتِيقَانِ انْقِضَاءِ الْأَقْرَاءِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِي ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، هَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، نَقَصَ زَمَنُ الْإِمْكَانِ عَنِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، هَذَا كُلُّهُ فِي طُهْرِ غَيْرِ الْمُبْتَدَأَةِ، أَمَّا إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ، ثُمَّ حَاضَتْ، فَيُبْنَى أَمْرُهَا عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ طُهْرٌ مُحْتَوِشٌ بِدَمَيْنِ، أَمْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاحْتِوَاشُ؟ فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ، فَحُكْمُهَا فِي مُدَّةِ الْإِمْكَانِ حُكْمُ غَيْرِهَا، وَإِنْ شَرَطْنَاهُ، فَأَقَلُّ مُدَّةِ إِمْكَانِهَا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا طُلِّقَتْ فِي طُهْرٍ.
أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فِي حَيْضٍ، فَأَقَلُّ مُدَّةِ إِمْكَانِهَا سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ، بِأَنْ تُطَلَّقَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنَ الْحَيْضِ، وَيَظْهَرُ تَصْوِيرُهُ فِيمَا إِذَا عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيْضِهَا، ثُمَّ تَطْهُرُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ تَحِيضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَتَطْهُرُ خَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ تَحِيضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَتَطْهُرُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَتَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ، وَفِي لَحْظَةِ الطَّعْنِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُطَلَّقَةِ فِي الطُّهْرِ، وَلَا تَحْتَاجُ هُنَا إِلَى تَقْدِيرِ لَحْظَةٍ فِي الْأَوَّلِ، لِأَنَّ اللَّحْظَةَ هُنَاكَ تُحْسَبُ قُرْءًا، هَذَا حُكْمُ الْحُرَّةِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ، فَإِنْ طُلِّقَتْ فِي طُهْرٍ، فَأَقَلُّ مُدَّةِ إِمْكَانِهَا سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ، وَإِنْ طُلِّقَتْ وَلَمْ تَحِضْ قَطُّ، ثُمَّ ظَهَرَ الدَّمُ وَشَرْطُنَا فِي الْقُرْءِ الِاحْتِوَاشُ، فَأَقَلُّ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ، وَإِنْ طُلِّقَتْ فِي الْحَيْضِ، فَالْأَقَلُّ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ. إِذَا عُرِفَ هَذَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُطَلَّقَةِ عَادَةٌ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ مُسْتَقِيمَةٌ، بِأَنْ لَمْ تَكُنْ حَاضَتْ ثُمَّ طَرَأَ حَيْضُهَا، وَكَانَ لَهَا عَادَاتٌ مُضْطَرِبَةٌ، أَوْ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ دَائِرَةٌ عَلَى الْأَقَلِّ حَيْضًا وَطُهْرًا، صَدَقَتْ بِيَمِينِهَا إِذَا ادَّعَتِ انْقِضَاءَ الْأَقْرَاءِ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute