نَكَلَتْ عَنِ الْيَمِينِ، حَلَفَ الزَّوْجُ وَكَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ، فَإِنْ كَانَ لَهَا عَادَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ دَائِرَةٌ عَلَى مَا فَوْقَ الْأَقَلِّ، صُدِّقَتْ فِي دَعْوَى انْقِضَائِهَا عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ، وَهَلْ تُصَدَّقُ فِيمَا دُونِهَا مَعَ الْإِمْكَانِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا، لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ تُغَيَّرُ، وَالثَّانِي: لَا لِلتُّهْمَةِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: هُوَ الِاخْتِيَارُ فِي هَذَا الزَّمَانِ. قَالَ: وَإِذَا قَالَتْ لَنَا امْرَأَةٌ انْقَضَتْ عِدَّتِي، وَجَبَ أَنْ نَسْأَلَهَا عَنْ حَالِهَا، كَيْفَ الطُّهْرُ وَالْحَيْضُ؟ وَنُحَلِّفُهَا عِنْدَ التُّهْمَةِ لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ، هَذَا لَفْظُهُ.
فَرْعٌ
ادَّعَتِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ لِدُونِ الْإِمْكَانِ، وَرَدَدْنَا قَوْلَهَا، فَجَاءَ زَمَنُ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا، أَوْ قَالَتْ: غَلِطْتُ وَابْتَدَأْتُ الْآنَ دَعْوَى الِانْقِضَاءِ، صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا، وَإِنْ أَصَرَّتْ عَلَى الدَّعْوَى الْأُولَى، صَدَّقْنَاهَا الْآنَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ إِصْرَارَهَا يَتَضَمَّنُ دَعْوَى الِانْقِضَاءِ الْآنَ.
قَالَ: إِنْ وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَطُلِّقَتْ بِالْوِلَادَةِ، فَأَقَلُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ إِقْرَائِهَا فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّمَ تَرَاهُ فِي السِّتِّينَ، هَلْ يُجْعَلُ حَيْضًا، فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ. فَإِنْ جَعَلْنَاهُ حَيْضًا وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَأَقَلُّ زَمَنٍ تُصَدَّقُ فِيهِ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ، كَمَا لَوْ طُلِّقَتْ فِي الْحَيْضِ، فَتُقَدِّرُ أَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا، وَيُعْتَبَرُ مُضِيُّ ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَثَلَاثِ حِيَضٍ، وَالطَّعْنُ فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ، وَإِنْ لَمْ نَجْعَلْهُ حَيْضًا لَمْ تُصَدَّقْ فِيمَا دُونَ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ، مِنْهَا سِتُّونَ لِلنِّفَاسِ، وَيُحْسَبُ ذَلِكَ قُرْءًا، وَبَعْدَهَا مُدَّةُ حَيْضَتَيْنِ وَطُهْرَيْنِ، وَاللَّحْظَةُ لِلطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ، وَلَمْ يَعْتَدَّ الْمُتَوَلِّي بِالنِّفَاسِ قُرْءًا، وَاعْتَبَرَ مُضِيَّ مِائَةٍ وَسَبْعَةِ أَيَّامٍ وَلَحْظَةٍ، وَهِيَ مُدَّةُ النِّفَاسِ، وَمُدَّةُ ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَحَيْضَتَيْنِ، وَاللَّحْظَةُ لِلطَّعْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute