الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَطْلُقَ اللَّفْظَ، فَلَا يَنْوِي تَعْمِيمًا وَلَا تَخْصِيصًا، فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى التَّعْمِيمِ، أَمْ عَلَى التَّخْصِيصِ بِوَاحِدَةٍ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُجَامِعُكِ سَنَةً إِلَّا مَرَّةً، فَقَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا وَهُوَ الْجَدِيدُ، وَأَحَدُ قَوْلَيِ الْقَدِيمِ: لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ، فَإِنْ وَطِئَهَا، نُظِرَ، إِنْ بَقِيَ مِن َ السَّنَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَهُوَ مُؤْلٍ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَإِنْ بَقِيَ أَرْبَعَةٌ فَأَقَلُّ، فَهُوَ حَالِفٌ وَلَيْسَ بِمُؤْلٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَكُونُ مُؤْلِيًا فِي الْحَالِ، فَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ. فَإِنْ وَطِئَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْوَطْأَةَ الْأُولَى مُسْتَثْنَاةٌ، وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا إِنْ بَقِيَ مِنَ السَّنَةِ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُكِ إِلَّا عَشْرَ مَرَّاتٍ، أَوْ عَدَدًا آخَرَ، فَعَلَى الْأَظْهَرِ: لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُؤْلِيًا إِذَا وَطِئَ ذَلِكَ الْعَدَدَ وَبَقِيَ مِنَ السَّنَةِ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، وَعَلَى الضَّعِيفِ: يَكُونُ مُؤْلِيًا فِي الْحَالِ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ أَصَبْتُكِ، فَوَاللَّهِ لَا أَصَبْتُكِ، فَقِيلَ: بِإِجْرَاءِ الْقَوْلَيْنِ فِي كَوْنِهِ مُؤْلِيًا فِي الْحَالِ، وَالْمَذْهَبُ: الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ هُنَاكَ عَقَدَ الْيَمِينَ فِي الْحَالِ، وَاسْتَثْنَى وَطْأَةً، وَهُنَا الْيَمِينُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ إِذَا أَصَابَهَا، وَإِثْبَاتُ الْإِيلَاءِ قَبْلَ الْيَمِينِ مُمْتَنِعٌ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ قَالَ: إِنْ وَطِئْتُكِ، فَوَاللَّهِ لَا دَخَلْتِ الدَّارَ.
وَلَوْ قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُجَامِعُكِ سَنَةً إِلَّا يَوْمًا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: إِلَّا مَرَّةً. وَلَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُكِ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً، فَتَعْرِيفُ السَّنَةِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يَقْتَضِي السَّنَةَ الْعَرَبِيَّةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ، كَمَا لَوْ قَالَ: سَنَةً، وَإِلَّا فَلَا إِيلَاءَ قَطْعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute