للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُعَيَّنَةِ أَنَّهُ أَرَادَهَا، وَأَنْكَرَ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَتِ الْمُدَّعِيَةُ، وَحُكِمَ بِأَنَّهُ مُؤْلٍ مِنْهَا أَيْضًا، فَلَوْ أَقَرَّ فِي جَوَابِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ نَوَاهَا، وَأَخَذْنَاهُ بِمُوجَبِ الْإِقْرَارَيْنِ، وَطَالَبْنَاهُ بِالْفَيْأَةِ أَوِ الطَّلَاقِ، وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنِ الْأُولَى، وَإِذَا وَطَأَهُمَا فِي صُورَةِ إِقْرَارِهِ، تَعَدَّدَتِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ وَطَأَهُمَا فِي صُورَةِ نُكُولِهِ وَيَمِينِ الْمُدَّعِيَةِ لَمْ تَتَعَدَّدِ الْكَفَّارَةُ، لِأَنَّ يَمِينَهَا لَا تَصْلُحُ لِإِلْزَامِهِ الْكَفَّارَةُ.

وَلَوِ ادَّعَتْ وَاحِدَةٌ أَوَّلًا، أَنَّكَ أَرَدْتَنِي، فَقَالَ: مَا أَرَدْتُكِ أَوْ مَا آلَيْتُ مِنْكِ، وَأَجَابَ بِمِثْلِهِ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ، تَعَيَّنَتِ الرَّابِعَةُ لِلْإِيلَاءِ، وَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُبْهَمَةً، أُمِرَ بِالتَّعْيِينِ. وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: وَيَكُونُ مُؤْلِيًا مِنْ إِحْدَاهُنَّ لَا عَلَى التَّعْيِينِ، فَإِذَا عَيَّنَ وَاحِدَةً، لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهَا الْمُنَازَعَةُ، وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ، أَمْ مِنْ وَقْتِ التَّعْيِينِ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ إِذَا عَيَّنَهُ، هَلْ يَقَعُ مِنَ اللَّفْظِ أَمْ مِنَ التَّعْيِينِ؟ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ، وَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَقَالُوا: تُطَالِبُ إِذَا طَلَبْنَ بِالْفَيْأَةِ أَوِ الطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ طَلَبُهُنَّ كُلِّهِنَّ لِيَكُونَ طَلَبُ الْمُؤْلِي مِنْهَا حَاصِلًا، فَإِنِ امْتَنَعَ، طَلَّقَ الْقَاضِي وَاحِدَةً عَلَى الْإِبْهَامِ، وَمُنِعَ مِنْهُنَّ إِلَى أَنْ يُعَيِّنَ الْمُطَلَّقَةَ، وَإِنْ فَاءَ إِلَى وَاحِدَةٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ طَلَّقَ، لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مُوجَبِ الْإِيلَاءِ. وَإِنْ قَالَ: طَلَّقْتُ الَّتِي آلَيْتُ مِنْهَا، خَرَجَ عَنْ مُوجَبِ الْإِيلَاءِ، لَكِنَّ الْمُطَلَّقَةَ مُبْهَمَةٌ، فَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ فِي الْحَالِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ، وَوَرَاءَهُ شَيْئَانِ. أَحَدُهُمَا: قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ مُبْهَمَةً، قَالَ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ: تُضْرَبُ الْمُدَّةُ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ، فَإِذَا مَضَتْ، ضُيِّقَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ فِي حَقِّ مَنْ طَالَبَ مِنْهُنَّ، لِأَنَّهُ مَا مِنَ امْرَأَةٍ إِلَّا وَيَجُوزُ أَنْ يُعَيَّنَ الْإِيلَاءُ فِيهَا، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ مُؤْلٍ مِنْ جَمِيعِهِنَّ، وَهُوَ بَعِيدٌ. الثَّانِي: حَكَى الْغَزَالِيُّ وَجْهًا، أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، حَتَّى يُبَيِّنَ إِنْ أَرَادَ مُعَيَّنَةً، أَوْ يُعَيِّنَ إِنْ أَرَادَ مُبْهَمَةً، لِأَنَّ قَصْدَ الْإِضْرَارِ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ.

وَحَكَى الْإِمَامُ هَذَا الْوَجْهَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، فَقَالَ: رَوَى وَجْهًا: أَنَّهُ إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ وَاحِدَةً، لَا يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ، وَلَا بِالتَّعْيِينِ، بِخِلَافِ إِبْهَامِ الطَّلَاقِ، لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ خَارِجَةٌ عَنِ النِّكَاحِ، فَإِمْسَاكُهَا مُنْكَرٌ، بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>