فَرْعٌ
قَالَ لِلنِّسْوَةِ الْأَرْبَعِ: وَاللَّهِ لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ، قَالَ الْأَصْحَابُ: يَكُونُ مُؤْلِيًا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَيَتَعَلَّقُ بِوَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ الْحِنْثُ وَلُزُومُ الْكَفَّارَةِ، قَالُوا: تُضْرَبُ الْمُدَّةُ فِي الْحَالِ، فَإِذَا مَضَتْ، فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْأَةِ أَوِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ طَلَّقَهُنَّ، سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ، فَإِنْ رَاجَعَهُنَّ، ضُرِبَتِ الْمُدَّةُ ثَانِيًا، وَإِنَّ طَلَّقَ بَعْضَهُنَّ، فَالْبَاقِيَاتُ عَلَى مُطَالَبَتِهِنَّ.
وَإِنْ وَطِئَ إِحْدَاهُنَّ، انْحَلَّتِ الْيَمِينُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ، وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ فِيهِنَّ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. وَقِيلَ: لَا تَنْحَلُّ وَلَا تَرْتَفِعُ، وَجَعَلُوا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: وَاللَّهِ لَا كَلَّمْتُ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ وَنَظَائِرِهِ، هَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: إِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَخْصِيصَ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالْإِيلَاءِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِصَوَاحِبِهَا، فَالْوَجْهُ بَقَاءُ الْإِيلَاءِ فِي الْبَاقِيَاتِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمَ قَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ عَلَى مَا سَبَقَ.
قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يُرِيدَ الِامْتِنَاعَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، فَيَكُونُ مُؤْلِيًا مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ، وَلَهُنَّ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَإِنْ طَلَّقَ بَعْضَهُنَّ، بَقِيَ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ، وَإِنْ وَطِئَ بَعْضَهُنَّ، حَصَلَ الْحِنْثُ، لِأَنَّهُ خَالَفَ قَوْلَهُ: لَا أَطَأُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ، وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ، وَيَرْتَفِعُ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ: أَرَدْتُ الِامْتِنَاعَ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَا غَيْرَ، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ، لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَا يُقْبَلُ، لِلتُّهْمَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ قَدْ يُرِيدُ مُعَيَّنَةً، وَقَدْ يُرِيدُ مُبْهَمَةً، فَإِنْ أَرَادَ مُعَيَّنَةً، فَهُوَ مُؤْلٍ مِنْهَا، وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ، فَإِذَا بَيَّنَ، وَصَدَّقَهُ الْبَاقِيَاتُ، فَذَاكَ، فَإِنِ ادَّعَتْ غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute