مُطْلَقُهُ عَلَى مَا فِي الْحَيَاةِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْبِرَّ وَالْحِنْثَ، يَتَعَلَّقَانِ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ. وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى وَجْهٍ فَارِقٍ بَيْنَ مَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ، وَلَا أَثَرَ لِمَوْتِ بَعْضِهِنَّ بَعْدَ الْوَطْءِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ كَهُوَ فِي الْقُبُلِ فِي حُصُولِ الْحِنْثِ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَاتٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَدْ نَقَلَهُ صَاحِبُ «الْحَاوِي» وَ «الْبَيَانِ» عَنِ الْأَصْحَابِ فِي الْقَاعِدَةِ الَّتِي قَدَّمْتُهَا، أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَهُوَ فِي الْقُبُلِ، إِلَّا فِي سَبْعَةِ أَحْكَامٍ أَوْ خَمْسَةٍ، لَيْسَتِ الْيَمِينُ مِنْهَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ طَلَّقَهُنَّ أَوْ بَعْضَهُنَّ قَبْلَ الْوَطْءِ، لَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ، بَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَإِنْ كَانَ زِنًا، هَذَا حُكْمُ الْيَمِينِ، وَأَمَّا الْإِيلَاءُ، فَفِيهِ طُرُقٌ، الْمَذْهَبُ مِنْهَا: لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا فِي الْحَالِ، فَإِنْ وَطِئَ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ، صَارَ مُؤْلِيًا مِنَ الرَّابِعَةِ.
وَفِي قَوْلٍ: يَكُونُ مُؤْلِيًا مِنَ الْجَمِيعِ فِي الْحَالِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ الْوَطْءِ، ارْتَفَعَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ، لِحُصُولِ الْيَأْسِ مِنَ الْحِنْثِ. وَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ بَعْدَ الْوَطْءِ، لَمْ يَرْتَفِعْ، وَلَوْ طَلَّقَ بَعْضَهُنَّ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ، فَكَذَلِكَ، حَتَّى لَوْ أَبَانَ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ وَوَطَأَهُنَّ فِي الْبَيْنُونَةِ زَانِيًا، صَارَ مُؤْلِيًا مِنَ الْبَاقِيَةِ. وَلَوْ أَبَانَ وَاحِدَةً قَبْلَ الْوَطْءِ، وَوَطِئَ الثَّلَاثَ فِي النِّكَاحِ، ثُمَّ نَكَحَ الْمُطَلَّقَةَ، فَفِي عَوْدِ الْإِيلَاءِ قَوْلَا عَوْدِ الْحِنْثِ، وَحُكْمُ الْيَمِينِ بَاقٍ قَطْعًا، حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا، لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ.
وَإِذَا قُلْنَا بِالضَّعِيفِ: إِنَّهُ مُؤْلٍ فِي الْحَالِ، ضَرَبْنَا الْمُدَّةَ، وَلِجَمِيعِهِنَّ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْمُدَّةِ. فَإِنْ وَطَأَهُنَّ أَوْ طَلَّقَهُنَّ، تَخَلَّصَ مِنَ الْإِيلَاءِ، وَإِنْ وَطِئَ بَعْضَهُنَّ، ارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ مَنْ وَطِئَهَا، وَلَا يَرْتَفِعُ فِي حَقِّ الْمُطَلَّقَةِ، بَلْ إِذَا رَاجَعَهَا ضُرِبَتِ الْمُدَّةُ ثَانِيًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute