أَنَّهُ يَكُونُ مُؤْلِيًا مِنْهُمَا جَمِيعًا، لِأَنَّ أَيَّةَ وَاحِدَةٍ وَطْئِهَا طُلِّقَتِ الْأُخْرَى، وَلَحِقَهُ الضَّرَرُ. وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: تَكُونُ مُؤْلِيًا مِنْ وَاحِدَةٍ، وَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ. كَمَا فِي الطَّلَاقِ، وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا لَوْ قَالَ لِنِسْوَةٍ: لَا جَامَعْتُ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ، وَلَمْ يَنْوِ، ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ بِنَاءً عَلَى جَوَابِهِ، أَنَّهُ إِذَا طُولِبَ بِالْفَيْأَةِ أَوِ الطَّلَاقِ، فَوَطِئَ إِحْدَاهُمَا، طُلِّقَتِ الْأُخْرَى وَتَخَلَّصَ مِنَ الْإِيلَائَيْنِ، وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَاهُمَا، لَمْ يَسْقُطْ حُكْمُ الْإِيلَاءِ فِي الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ بِالْوَطْءِ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ، وَلَا تَنْحَلُّ بِالطَّلَاقِ. حَتَّى لَوْ وَطِئَ الَّتِي لَمْ يُطَلِّقْهَا، وَقَعَتْ طَلْقَةٌ أُخْرَى عَلَى الَّتِي طَلَّقَهَا إِذَا كَانَتْ فِي عِدَّةِ الرَّجْعَةِ. وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا وَطِئْتُ إِحْدَاكُمَا، فَالْأُخْرَى طَالِقٌ، وَوَطِئَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ إِحْدَاهُمَا، طُلِّقَتِ الْأُخْرَى وَتَخَلَّصَ عَنِ الْإِيلَاءِ فِي حَقِّ الْمَوْطُوءَةِ، وَلَا يَتَخَلَّصُ بِالْكُلِّيَّةِ فِي حَقِّ الْأُخْرَى وَإِنْ سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ فِي الْحَالِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، فَإِذَا رَاجَعَهَا، عَادَ فِيهَا الْإِيلَاءُ. وَحَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ كَلَامَ ابْنِ الْحَدَّادِ ثُمَّ قَالَ: وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: يَكُونُ مُؤْلِيًا مِنْهُمَا جَمِيعًا، قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ. وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا إِذَا عَيَّنَ وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ، وَمَا إِذَا لَمْ يُعَيِّنْ، وَلَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ مُؤْلِيًا مِنْهُمَا مَعَ تَعْيِينِ وَاحِدَةٍ بِقَلْبِهِ بِحَالٍ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: سَبَقَ أَنَّ الْمُؤْلِيَ مَنْ عَلَّقَ بِالْوَطْءِ مَانِعًا مِنْهُ، مَنْ حَنِثَ فِي يَمِينٍ، أَوْ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهَا، فَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقِ الْحِنْثُ بِالْوَطْءِ، بَلْ كَانَ مُقَرَّبًا مِنْهُ، فَقَوْلَانِ، الْمَشْهُورُ وَهُوَ الْجَدِيدُ، وَأُخْرَى قَوْلَيِ الْقَدِيمِ: لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا. وَالثَّانِي مِنْ قَوْلَيِ الْقَدِيمِ: يَكُونُ مُؤْلِيًا، فَإِذَا قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ: وَاللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ، لَمْ يَحْنَثْ إِلَّا بِجِمَاعِهِنَّ كُلِّهِنَّ، وَإِذَا وَطَأْهُنَّ، لَزِمَهُ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّ الْيَمِينَ وَاحِدَةٌ. وَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ الْوَطْءِ، انْحَلَّتِ الْيَمِينُ، لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ امْتِنَاعُ الْحِنْثِ، وَلَا نَظَرَ إِلَى تَصَوُّرِ الْإِيلَاجِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِنَّ اسْمَ الْوَطْءِ يَقَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute