فَرْعٌ
لَوْ كَانَ لَهُ ضَيْعَةٌ أَوْ رَأْسُ مَالٍ يَتَّجِرُ فِيهِ، وَكَانَ يَحْصُلُ مِنْهُمَا كِفَايَتُهُ بِلَا مَزِيدٍ، وَلَوْ بَالتاعَهُمَا لِتَحْصِيلِ رَقَبَةٍ لَصَارَ فِي حَدِّ الْمَسَاكِينِ، لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.
قُلْتُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ مَاشِيَةٌ تَحْلِبُ، فَهِيَ كَالضَّيْعَةِ إِنْ كَانَ لَا تَزِيدُ غَلَّتُهَا عَلَى كِفَايَتِهِ، لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَهَا، وَإِنْ زَادَتْ، لَزِمَهُ بَيْعُ الزَّائِدِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ «الْحَاوِي» قَالَ: فَلَوْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ بِصِنَاعَةٍ، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْكِفَايَةِ، فَلَهُ الصَّوْمُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ، نُظِرَ، فَإِنْ قُلْتُ: الزِّيَادَةُ بِحَيْثُ لَا تَجْتَمِعُ فَتَبْلُغُ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ إِلَّا فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ يُنْسَبُ فِيهِ إِلَى تَأْخِيرِ التَّكْفِيرِ، لَمْ يَلْزَمْهُ جَمْعُهَا لِلْعِتْقِ، فَجَازَ لَهُ الصَّوْمُ. وَإِنْ كَانَتْ إِذَا جُمِعَتْ فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ، لَا يُنْسَبُ فِيهِ إِلَى تَأْخِيرِ التَّكْفِيرِ، بَلَغَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمَا قَارَبَهَا، فَفِي وُجُوبِ جَمْعِهَا لِلتَّكْفِيرِ بِالْعِتْقِ، وَجْهَانِ. أَشْبَهُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ، بَلْ لَهُ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ، فَعَلَى هَذَا، لَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّوْمِ حَتَّى اجْتَمَعَ مِنْهَا قِيمَةُ الرَّقَبَةِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْأَدَاءِ، أَمْ لَهُ الصَّوْمُ اعْتِبَارًا بِالْوُجُوبِ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
كَانَ مَالُهُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا، لَكِنْ لَمْ يَجِدِ الرَّقَبَةَ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ إِلَى الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالْيَمِينِ وَالْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَجِدَ الرَّقَبَةَ، أَوْ يَصِلَ الْمَالُ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى التَّرَاخِي، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَمُوتَ، لَا يَفُوتُ، بَلْ تُؤَدَّى مِنْ تَرِكَتِهِ، بِخِلَافِ الْعَاجِزِ عَنْ ثَمَنِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ لَوْ مَاتَ. وَفِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَجْهَانِ لِتَضَرُّرِهِ بِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَأَشَارَ الْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي إِلَى تَرْجِيحِ وُجُوبِ الصَّبْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute